حوار الاستاذ عبد الحميد دغبار الصادر في جريدة جيجل الجديدة العدد 774

حوار الاستاذ عبد الحميد دغبار الصادر في جريدة جيجل الجديدة ليوم : الأربعاء 23 جوان 2021 م، الموافق 13 ذو القعدة 1442 هـ

تعيش الجزائر هذه الأيام العديد من الأحداث المؤثرة في حاضرها ومستقبلها ولعلل أقواها وأكبرها اتساعا وانتشارا هو ما يهدد وحدتها الترابية بلانقسام والتفكك، وأمام هذا الوضع ارتأت “جيجل الجديدة” معرفة آراء أهل الاختصاص في القانون الدولي، الأستاذ
عبد الحميد دغبار”، المستشار القانوني السابق لوزير الشؤون الدينية.

ماذا ترى في هذا الشأن، خاصة ونحن نعرف أنك كاتب وباحث في القانون الدولي ومتابع بصفة دائمة للأحداث سواء كانت على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، وما يهمنا هنا تلك الأحداث الداخلية التي تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة؟

ليس من السهل الحديث عن كل الأحداث التي تعرفها الجزائر اليوم،نظرا لكثرتها وتنوع موضوعاتها وبالرغم من أهميتها جميعا وتأثيرها الكبير على جميع الأصعدة السياسية منها، الاقتصاديةوالاجتماعية بل وحتى الثقافية، فإنني وحسب ما فهمت من مضمون سؤالكم وماتريدون معرفته هو الحديث عن مسألة الوحدة الترابية للجزائر.
 في هذا الإطار أقول لكم:  إن الجزائر وحتى قبل الاستقلال كانت مهددة في وحدتها الترابية، ولنا خير مثال على ذلك ما سعى إلى تحقيقه الاستعمار الفرنسي أثناء الثورة التحريرية المباركة والمتمثل في سعيه لفصل الصحراء عن الوطن الأم وكُتب التاريخ الحديث للجزائر تتكلم عن هذا الموضوع من كل الأوجه بل وحتى الطرق التي استعملها المستعمرلتحقيق هدفه هذا، لكنه كما نعرف جميعا فشل، وهذا الفشل راجع إلى قوة الإرادة الوطنية وإلى رجال وقادة الثورة التحريرية الذين كانوا يؤمنون بأن الاستقلال التام والحقيقي والواقعي لا يكون إلا باستقلال كل شبر من هذا الوطن في وقت واحد ولحظة واحدة.

هل يمكن وبعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال أن يفرط الشعب الجزائري ومن ورائه قادته في شبر واحد من هذا الوطن؟

أعتقد شخصيا أن حدوث مثل هذا الأمر مستبعد، بل أقول مستحيل وإلا عد خيانة لأولئك الرجال الذين حرروا الوطن من الاستعمار نعم خيانة لمستقبل الأجيال، لأبناء وأحفاد الثوار الأبطالالمحررين للبلد من نيل الاستعمار وعليه فالوحدة الترابية للجزائر يكفلها التاريخ الحديث، كما يحميها التشريع والتنظيم الجاري بهما العمل مند الاستقلال إلى اليوم ولعل أقواها وأهمها هو الدستور.

هل يمكن أن تشرح لنا أكثر في هذا المجال؟                                            

نعم، إن مجموع الدساتير التي عرفتها الجزائر مند الاستقلال (1962 م)  إلى اليوم (2021 م) بدءا بدستور (1996)، ثم التعديلين الصادرين عامي (2008) و(2002) وانتهاءا بدستور (2020 م )أجمعت كلها على حكم واحد وهو أن الجزائر وحدة لا تتجزأ،وحتى يعطي المشرع لهذا الحكم ما يستحق من الأهمية فقد أورده في الباب المتضمن المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري.
إن المشرّع الجزائري، كما نرى كان يذرك حجم الأخطار التي يمكن أن تهدد الوحدة الترابية للجزائر، لذلك وجدناه يشدد هنا وبلغة لا تقبل التأويل على أن الجزائر وحدة لا تتجزأ، بل إن المشرع الجزائري لم يكتفي بهذا في المتن، بل أدرج نفس الحكم في الدباجة . علما أن الدباجة في كل الدساتير،تشكل جزء لا يتجزأ منها بمعنى أن كل ما ورد فيها يتمتع بنفس القوة القانونية في المواد الواردة والأبواب والفصول.

هل من توضيح أكثر في هذا الشأن؟

نعم، كنت أتحدث في إجابتي عن سؤالكم السابق عن الديباجة في الدساتير وهدفي من ذلك هي: أن يفهم القارئ أن الدباجة لا تعتبر مقدمة ولا هي شرح مختصر للأحكام الواردة فيها، وإنما جزء لا يتجزأ منما ورد فيها. ومن هنا فهي واجبة الاحترام بنفس القدر المعطى لمواد الدستور جميعا.
وأغتنم هذه الفرصة معكم لأوضح، بأن مسالة الوحدة الترابية في الجزائر اليوم (2021)، هي فعلا في مفترق الطرق وقد قرأت تصريحا لأحد أبناء المجاهدين الكبار(1)  يطالب فيه باعتماد نظام المناطق في تسيير شؤون البلاد، سواء باعتماد نظام جهوي أو حكم ذاتي أو فدرالي في إطار الدولة الأم.
وأرى في هذا الكلام مخالفة للأحكام الدستورية التي تحدثت عنها سابقا، ثم إن هناك دول سبق لها أن عرفت التجربة كالعراق والسودان،فلننظر إلى ما تعيشانه ولتكن لنا عبرة، وعليه فكل مؤسسات الدولة ملزمة باحترام الأحكام الدستورية المتعلقة بالوحدة الترابية ومن واجبها فرض احترام هذه الأحكام وفي كل المجالات، كما أن مؤسسات المجتمع المدني لها دور يجب أن تلعبه وللصحافة والكتاب دور لا يقل أهمية، فالكل مسؤولون والكل ملزمون بذلك.
ويبدو أن - آيت حمودة- قد وجد ضالته في السجن بعدما تالعته قضائيا - عائلة الأمير عبد القادر - بعد أن تطاول على هذه الشخصية التاريخية و غيرها كمصالي الحاج و الرئيس هواري بومدين ، حيث وضع بأمر من قاضي التحقيق للغرفة الاولى لدى محكمة سيدي محمد بالجزائر العاصمة، وأفرج عنه ليحاكم لاحقا (2 ).
-----------
(1) - المدعو : " نور الدين آيت حمودة - نجل الشهيد - عميروش - قائد الولاية التاريخية الثالثة، أنظر الخبر - اليومية الجزائرية الصادرة بتاريخ : 03 - محرم - عام 1442 هـ ، الموافق ،22 أوت 2020 م.
(2) - انظر جريدة الشروق اليومي العدد 6881 ليوم : 21 محرم 1443 هـ الموافق : 30/08/2021 .

 حوار الاستاذ عبد الحميد دغبار الصادر في جريدة جيجل الجديدة ليوم : الأربعاء 23 جوان 2021 م، الموافق 13 ذو القعدة 1442 هـ، العدد 774.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته