جامعة الدول العربية و القضايا الإقليمية المعاصرة ـــ ليبيا نموذجا ــــ الحلقة العاشرة: الفوضى عنوانا و العنف وسيلة .


 جامعة الدول العربية و القضايا الإقليمية المعاصرة .
ـــ ليبيا نموذجا ــــ

الحلقة العاشرة: الفوضى عنوانا و العنف وسيلة .

Add caption

ما كان لنا أن نتحدث عن ليبيا[1] لولا المكانة التي يحتلها الشعب الليبي في قلوب أبناء الجزائر عامة ، و باحثيه ، و كتابه ، و مفكريه ، و مثقفيه خاصة ، فالجميع[2]  يكنون لليبيا « البلد و الشعب » كل مشاعر الاحترام و التقدير ثم إن ليبيا:
أ‌-      بلد عربي يتمتع بكامل العضوية في جامعة الدول العربية[3] ، منذ حصوله على الاستقلال شأنه في ذلك شأن بقية الدول العربية الأعضاء في هذا المنتظم الدولي .
ب‌- بلد تجمعه بالجزائر[4] علاقة جوار « جغرافيا »  و أخوة المعتقد .
  من هنا كان ما يرد من «أخبار » عن هذا البلد[5] لا يبعث على الطمأنينة[6] فالجبهة الداخلية « تضطرب» و الصورة الخارجية « تشوه » ، من قبل « أعداء » همهم الأول و الأخير مصالحهم حتى لو اقتضى الأمر تقسيم البلد و « تمزيق » وحدة الشعب .
  لقد عاشت ليبيا قرابة العشر «10 » سنوات في جـوِّ من « الاضطراب » و عدم « الاستقرار» و زادها « فسادا» و « سوءا » انسداد فضاء الفعل السياسي و « عجز» مكشوف و واضح عن تقديم حلول و   « بدائل» للنظام السابق الذي سقط سنة : 2011م ، بعد أن حكم البلد لمدة فاقت الأربعين « 40 » سنة.


إنها مؤشرات تدل على أن هذا البلد لازال بعيدا[7] عن حالة السلم و الاستقرار[8] فالعنف[9] في تزايد مستمر ، الأمر الذي ينذر بما هو «أسوأ » و أشد « قسوة ».
حقا إنه ظرف « صعب » و « معقد »[10] ، إنه مشهد غاب فيه صوت المواطن الليبي ، بعد أن « تكلمت » بل « صرخت » أطرافا خارجية ، منها المتورطة في النزاع[11] ، و منها الصديقة ، البعيدة عن الأطماع في « خيرات » الشعب الليبي ، بالإضافة إلى المنظمات الدولية العالمية منها كمنظمة الأمم المتحدة[12] ،
و الإقليمية كجامعة الدول العربية ، و الاتحاد الإفريقي.
 إن القضية الليبية ظلت « مختطفة » من قبل الدول الداعمة لأطراف الصراع ، و لهذا وجدنا بعثة الأمم المتحدة « تفشل» في إنهاء الأزمة رغم تعاقب ستة « 06 » مبعوثين تولوا إدارة « مهمة » الأمم المتحدة في ليبيا ، فلا السلام « تحقق » و لا الأمن « زال » و لا الاستقرار « ظهر» و لا الشعب « استراح » و لا البعثة «أنجزت » مهمتها . ، لقد حصل كل هذا لأن الدول المتدخلة في الشأن الليبي أرادت ذلك ، أما بالنسبة لجامعة الدول العربية ، و الاتحاد الإفريقي ، و رغم كون الدولة الليبية تتمتع بكامل العضوية في هاتين المنظمتين الدوليتين منذ حصولها على الاستقلال ، فإن « الأزمة » الداخلية الليبية لم تجد لها « المكان» و لا « الاهتمام» اللازم في البداية ، نقول هذا لأننا نعلم و نعرف أن « ميثاق» كلا المنظمتين الدوليتين الإقليميتين تنص على أن « مجال » عملهما هو : « خدمة » مصالح الدول الأعضاء ، و سنعود لشرح الأسباب الخاصة بهذا المجال لاحقا.



[1]  ـــ و نحن في الجزائر « شعبا و حكومة و دولة » لا نقبل التدخل في الشأن الداخلي للشعوب و الدول و الحكومات مهما كانت الظروف.
[2]  ـــ عند الشعب عموما ، و عند الساهرين على إدارة الشأن الخارجي للدولة الجزائرية خصوصا .
[3]  ـــ باعتبارها منتظما دوليا إقليميا عربيا عاما .
[4]  ـــ بالإضافة لما سبق .
[5]  ـــ منذ أكثر من عشر « 10 » سنوات.
[6]  ـــ في الحاضر .
[7]  ـــ على ما نرى .
[8]  ـــ الأمني و السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي.
[9]  ـــ بكل أنواعه و أشكاله .
[10]  ـــ لكنه في نظرنا سيظل يحمل « فرص النجاح » لأن تاريخ الثورات و الانتفاضات يقول أن زمن « الفوضى » و عدم الاستقرار لا يدوم مهما طال ، و أن « قاعدة النجاح » هي التي « ستتمكن»  في الأخير ، و عليه فإننا نرى بأن « زمن حلحلة » الأزمنة سيأتي لا محالة ، و ذلك بعد أن يتأكد الجميع باستحالة بقاء الوضع على حاله ، و عندئذ ستقبل الأطراف المتصارعة بالدور « التصالحي » الذي ستقوم به الدول الصديقة لليبيا بلدا أو شعبا ، و منها دول الجوار كالجزائر ، باعتبارها البلد العربي الوحيد الذي له حدود مع ليبيا يتعدى طولها الألف « 1000 » كلم ، و تقف على مسافة واحدة من أطراف الأزمة ، الأمر الذي يؤهلها لتكون القوة الصانعة للسلام و الاستقرار في هذا البلد .
في هذا المعنى يقول  البروفيسور « بوحنية قوى » أن : « الجزائر تمتلك عقيدة أمنية واضحة فهي لا تتدخل خارج الحدود ... و تدعم الشرعية الدولية ... و هذه العناصر تجعل الدور الجزائري يحظى بالقبول من طرف جميع الأطراف المتصارعة في ليبيا ... » .
راجع : جريدة النصر اليومية الجزائرية الصادرة بتاريخ : 14 جمادى الثانية عام : 1441 ه ، الموافق : 08 فيفري سنة : 2020م ، العدد 16136 .
[11]  ـــ ليس بصفة مباشرة ، و إنما من خلال تقديم «الدعم» المادي و غير المادي لفصيل معين من الفصائل المتنازعة و المتصارعة داخل ليبيا ، و كنا قد قدمنا أمثلة عن ذلك في ما سبق من هذه الدراسة .
 و ما نضيفه هنا هو القول : بأن التدخل الخارجي هو من « عزز» الانقسامات الداخلية في ليبيا و « أجهض » مسيرة بناء الدولة « المركزية» المستقرة و النتيجة :
ا / مزيد من التوتر بين المناطق و القبائل .
ب / فشل الجميع في حسم النزاع .
ج / كشف « أطماع» الأطراف الخارجية المتدخلة في الشأن الداخلي الليبي و المتمثلة على الخصوص في « السيطرة» على الثروات الطبيعية الكبيرة و « التحكم»  في الموقع الاستراتيجي الحساس .
[12]  ـــ تبدو « جهود» منظمة الأمم المتحدة في ليبيا غير « موفقة » و غير « فاعلة» لأسباب عدة ، فحالة « التشرذم » و « الفرقة » الناتجة عن تلك الانقسامات الداخلية التي تشهدها الساحة الليبية « أثرت» بشكل مباشر و « عملي» على مهمة الأمم المتحدة في ليبيا .
لقد « استهلكت» الأزمة الليبية خلال عشر « 10» سنوات ستة «06 » مبعوثين « رحلوا» جميعا كان آخرهم اللبناني « غسان سلامة » الذي تم تعيينه مبعوثا خاصا للأمم المتحدة إلى ليبيا في : 16 جوان سنة 2017م خلفا للألماني « مارتن كوبلر ».
 لقد « استبشر» العديد من المتابعين للشأن الليبي خيرا بتعيين « غسان سلامة » كمبعوث خاص للأمم المتحدة في ليبيا لكونه يحمل جنسية بلد عربي « لبنان» ذلك البلد الذي عرف « ويلات» الحرب الأهلية ، و ما يجري في ليبيا اليوم « 2020 م » شبيه بذلك ، كما أن لسانه « عربي » باستطاعته التواصل مع جميع الأطراف المتصارعة دون « مترجم» ، لكن هذا كله لم يمكنه من تحقيق ما عجز عنه أسلافه الخمسة «05 » رغم أنه استمر في هذه المهمة أكثر من سنتين و نصف ، حيث ظهر في آخر أيامه و كأنه يدور في حلقة مفرغة ، إذ خرجت الأزمة عن « سيطرته » و الحقيقة أنها « تجاوزت » حتى الليبيين أنفسهم بسبب التدخلات الخارجية العديدة .
  إن منظمة الأمم المتحدة رغم كبر « حجمها » و « ثقلها » تبدو مهمتها في ليبيا عبارة عن « خطوة صغيرة إلى الأمام» و سنعود بالتفصيل لهذا الموضوع لاحقا .
صدر في  : جريدة جيجل الجديدة ، ليوم الخميس 15 محرم عام : 1442 هـ ، الموافق : 03 سبتمبر سنة:  2020 م  ، العدد : 530.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته