جامعة الدول العربية و القضايا الإقليمية المعاصــرة ـــ ليبيا نموذجا ـــ الحلقة التاســعــة: العشوائية السياسية عند بعض دول الجوار


جامعة الدول العربية و القضايا الإقليمية المعاصــرة
ـــ ليبيا نموذجا ـــ
الحلقة التاســعــة: العشوائية السياسية عند بعض دول الجوار.
الاستاذ عبد الحميد دغبار

إن التحديات التي أتى بها الوضع القائم اليوم[1] في ليبيا هي تحديات « عابرة »[2] و لن تستطيع[3] تغيير الأهداف و « الأساسيات » التي قامت عليها و من أجلها « انتفاضة » الشعب الليبي . 
إنها تحديات « مرحلية» ، و نراها نحن اليوم قد بلغت « الذروة » ، و «السهم » بدأ يتجه نحو الأفضل[4] « بحيوية» كبيرة و « مرونة » مساعدة ، و ذلك بالنظر لما يملكه الشعب الليبي من إمكانيات[5] نعتقد انها كافية للخروج « الآمن» من هذه الأزمات الناتجة عن تلك التحديات [6].
 إن هذه الأزمات[7] ما كانت لتكون لولا تلك التدخلات الخارجية ، و بخاصة العربية منها ، و بالتحديد من قبل جمهورية مصر العربية[8] و « بعض» دول الخليج العربي ، كالإمارات العربية المتحدة .
 و السؤال الواجب طرحه هنا مؤداه : إذا كان ما يثير « حساسية » مصر هو الجوار الجغرافي بحدود تتجاوز الألف «1000 » كلم  مع ليبيا، فما الذي يجعل دولة الإمارات العربية المتحدة تبذل كل ذلك « الجهد » المادي و المعنوي ، من أجل أن يكون لها « إسم » في سماء ليبيا ، و « مكان» في ثروات ومستقبل الشعب الليبي ؟ قد يكون ذلك « العداء» السري و العلني و الدائم ، ضد فصيل سياسي ، له « مكان» و « أتباع » كُثر في الوطن العربي[9] إنهم « الإخوان المسلمون» تحديدا ، فدولة الإمارات العربية المتحدة « تمددت» سياستها المعادية لهذا الفصيل إلى خارج إقليمها الجغرافي ، فالدعم المادي الإماراتي كان « واضحا » و « ظاهرا» و « مكشوفا» لمن مارس « التعسف » في جمهورية مصر العربية ، و الذي انتهى « بعزل » رئيس منتخب ، و سجنه حتى الموت ، لا لشيء إلا لكون ذلك الرئيس محسوبا على تلك الجهة أو الفصيل السياسي الذي تعاديه دولة الإمارات و نراها اليوم « 2020م » تحاول فعل ذلك في ليبيا ، و هي دولة عربية تقع « جغرافيا » في شمال القارة الإفريقية ، بينما الإمارات العربية المتحدة تقع في قارة آسيا ، أي أن كل منهما يقع في قارة ، و المسافة بينهما تقدر بآلاف الكيلومترات ، فأي سياسة هذه ؟ و أي استراتيجية ؟ .
إنها « العشوائية»  السياسية داخل ليبيا ، تلك " العشوائية" التي أحدثت " فراغا" في هياكل الدولة فكانت " الهشاشة " التي ساعدت على تمدد دول لها " رغبة" في أن يكون لها صوت في مستقبل الشعب اللييبي رغم عدم مشروعية الفعل وتعارضه مع قواعد القانون الدولي ، ومبادئ و أحكام الشرعية الدولية ذات الصلة . فإلى متى يستمر هذا الوضع ؟ و إلى متى تبقى الدولة الليبية ، و السيادة الليبية « ممزقة » على هذا الشكل ، بسبب ذلك « الارتباك » في ترتيب الأولويات من قبل أهل القرار في ليبيا؟، و إلى متى تبقى جامعة الدول العربية « عاجزة » أمام مثل هذه الأزمات ، رغم أن ميثاقها الصادر سنة 1945م « يتيح » لها « حق » التدخل في الوقت المناسب ، و بالوسيلة المناسبة ؟.
 إنه « العجز» الذي تطرح حوله علامات استفهام كثيرة لعل أقواها هنا مؤداه: ما هي الفائدة المرجوة من منتظم دولي إقليمي دولي عربي، يشبه « الكتلة الصخرية » التي لا تستطيع العواصف تحريكها ؟.
   و بالمختصر نقول : إنه منتظم دولي يستمر في الحياة « بفضل » اشتراكات الدول الأعضاء ، و من حق شعوب هذه الدول أن تسأل عن تلك الأموال التي تدفع سنويا من ميزانيات دولها « لهيكل » لا ترى فيه الروح .    



[1]  ـــ 2020م .
[2]  ـــ في نظرنا .
[3]  ـــ مهما كانت  قوة هذه التحديات على ما نرى .
[4]  ـــ بدل الأسوأ .
[5]  ــــ التي تكونت عبر الأزمنة و العصور، و زادت صلابة مع كثرة الأزمات التي مر بها الشعب الليبي في تاريخه الحديث و المعاصر.
[6]  ــــ دون أن يمس « العمق » أو « المقاصد ».
[7]  ــــ نقول: « أزمة »لأننا نراها " أزمات"  بالنظر لتعدد مصادرها، و أوجهها، و نتائجها على الشعب الليبي من جهة ، و على الدولة الليبية من جهة أخرى .
[8]  ــــ و التي تحتضن عاصمتها مقر جامعة الدول العربية.
[9]  ــــ لا نرى داع هنا للبحث في الأسباب و الظروف التي ساعدت هذا الفصيل على « التمكن » بهذا الشكل الذي هو عليه اليوم في الوطن العربي لأن ذلك ليس هو مجال بحثنا هنا . 
صدر في  : جريدة جيجل الجديدة ، ليوم الاربعاء 14 محرم عام : 1442 هـ ، الموافق : 02 سبتمبر سنة:  2020 م  ، العدد : 529.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته