الجـزائـر و تركيا .... شراكـــــــــة استراتيجية و مصالح دائمة الحـلـقـة الثالثة « 03 »
الجـزائـر
و تركيا .... شراكـــــــــة استراتيجية و مصالح دائمة
![]() |
الاستاذ عبد الحميد دغبار |
الحـلـقـة الثالثة « 03 »
قرأت للكاتب ـــ
رمضان بلعمري ـــ مقال صادر في جريدة الخبر اليومية الجزائرية الصادرة بتاريخ : 21
جمادى عام: 1414ه ، الموافق : 05 فيفري سنة 2020م ، العدد : 9460 ، و نصه : « ....
يبدو أن السلطان الجديد[1]
لا يردعه شيء ...» و « بقى التأكيد على أن من يريد التشبه في الجزائر بأردوغان ،
فعليه أن يتعلم منه حبه لبلده تركيا ... يعني بعبارة أخرى التوقف عن مشاهدة
المسلسلات التركية ، فتركيزها عالٍ جدا و ذوختها طويلة ... و الحديث قياس » .
فهل حقا ما يقوله الكاتب هنا هو عين الصواب ، أم أن وراء
رأيه هذا جهل أو تجاهل لحقبة تاريخية مضت ، عرفت فيها الجزائر و تركيا علاقة ليست
دوما محل إجماع عند المؤرخين ، و الباحثين المختصين[2]
و الكتاب المهتمين؟ . قد يكون هذا أو ذاك لكن بالنسبة لنا نقول :
1 ــ أن الكاتب ابتعد عن الحقيقة ، إن كان يعتقد أن من
أسماهم بـ : «أحباب أردوغان في الجزائر» فعلوا ذلك «لإسمه الشخصي » أو «لإسم بلده »
أو « لماضي بلده في الجزائر فهم على قلتهم ـــــ حسب نظرنا ـــ تفاعلوا ، و أعجبوا
بطريقة حكمه ، و رشادة أسلوبه في مجال التنمية الاقتصادية.
إننا
اليوم في سنة : 2020م ، و العالم تغير بشكل غير مسبوق و لا زال يتغير بسرعة كبيرة
، و هذا التحول أدى إلى تغير في طموح و رغبات الشعوب ، إذ لم يعد هناك في عالم
اليوم « حاكما » يسعى ليظهر نفسه أمام شعبه بأنه « الحاكم المعجزة » فإن فعل ذلك «
فالمعجزة » تكمن في طريقة وصوله لسدة الحكم ، و البقاء فيه مدى الحياة ، و هذه
الصورة ـــ مع الأسف ــ عرفتها و لا تزال تعرفها العديد من الأنظمة الحاكمة، في
الوطن العربي ، فلولا لطف الله و قدره لعاشت شعوب هذه البلدان حتى نهاية هذا القرن
مع نفس الوجوه ، و الصور و الأسماء ، من الحكام .
ألم يعمر « معمر القذافي » في سدة الحكم في
ليبيا أكثر من أربعين «40 » سنة و كان يرغب في المزيد ، و نفس الصورة نجدها عند
حاكم جمهورية مصر العربية « حسني مبارك » الذي عمر هو الآخر في سدة الحكم لمدة
تجاوزت الثلاثين «30» سنة دون أن يعلن رسميا، و صراحة عن نيته في مغادرة كرسي
الرئاسة ، و كاد المسلسل تتكرر حلقاته في الجزائر مع الرئيس السابق « عبد العزيز بوتفليقة» الذي هو الآخر جلس على مقعد الحكم مدة عشرين «20» سنة كاملة ، و كان يرغب في المزيد من خلال ترشحه لعهدة رئاسية خامسة «05» سنة : 2019م حتى و هو مريض « لا يستطيع الكلام بطلاقة و لا الوقوف على قدميه » .
إن هؤلاء الحكام و غيرهم كثير في الوطن العربي
لم يقدموا لبلدانهم ما يعتبر من «الحسنات» في الميدان الاقتصادي ، و بمناسبة
الحديث عن الجزائر نذكر أن الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» وصل إلى سدة الحكم في
تركيا في نفس السنة التي وصل فيها الرئيس الجزائري « عبد العزيز بوتفليقة » أي عام
1999م ، لكن لننظر أين تركيا اليوم اقتصاديا و أين الجزائر ؟ أعتقد أن لا وجه
للمقارنة .
إذن الجزائريون معجبون بالانطلاقة الاقتصادية الجيدة
لتركيا ، و بالتقدم الاقتصادي الكبير الذي عرفته خلال مدة حكم «رجب طيب أردوغان» و
لا شيء غير ذلك
أما بالنسبة لمتابعة « بعض »[3]
الجزائريين للمسلسلات التركية ، التي يقول عنها الكاتب أن « تركيزها عالٍ جدًا و
دوختها طويلة »، فإنني أرى أن تركيا اليوم « 2020م» لا يقاس وضعها بالمسلسلات التي
أنتجتها[4]
و التي تعرض على شاشات التلفزة[5]
، فمتى كانت هذه الأعمال معيارا لقياس
درجة تطور أي بلد ؟ لقد
سبقت جمهورية مصر العربية تركيا في هذا المجال و أسأل الكاتب هنا هل يستطيع أن يجد
أوجه التشابه أو التقارب بين الوضع الصناعي و الزراعي و التكنولوجي السائدة في
تركيا اليوم و الحالة التي هي عليها مصر في هذه المجالات بالتحديد ؟
، و أنا هنا لا أقلل من
أهمية الأعمال الفنية ، و الفن و الفنانين عموما ، بل أقدرهم ، فهم[6]
في أحيان كثيرة لهم مواقف 1 ــــ الفنانة و النجمة اللبنانية « كارول سماحة» التي عبرت عن رفضها المطلق لما يعرف إعلاميا « بصفة القرن » قائلة : « يسرقون رغيفك ، ثم يعطونك منه كسرة ، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم يا لوقاحتهم »[8]
2 ـــ النجم المصري « أحمد السقا » و الذي دون على حسابه في « تويتر » ما نصه : « فلسطين في قلبي »[9] في إشارة إلى وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني .
مشرقة [7]«
يعجز» أو لا يريد « البوح » بها العديد من الحكام العرب ، و لنا في هذا الشأن
أمثلة عديدة منها :
3 ـــــ الفنان المصري أيضا « محمد البزاوي » الذي أعلن
بكل صراحة و وضوح و إيمان كامل أن «
القدس » ستظل عاصمة فلسطين الأبدية ، و لن تتغير « بسبب كلام أو قرارات من
الاحتلال »[10] .
4 ـــ النجمة اللبنانية « إليسا » التي كانت أكثر جرأة و
قوة حيث هاجمت الزعماء العرب عقب إعلان الرئيس الأمريكي « دونالد ترامب » خطته
للسلام في الشرق الأوسط ، و ذلك بالقول : « قال صفقة القرن ، رح تجيب السلام ...
على دم ملايين الناس اللي خصّن ، و اللي ما خصّن ... شو بشعة السياسة لما يغيب
عنها العدل ... البيت لنا ، و القدس لنا ، و بأيدينا ، للقدس سلام ، و حكام العرب
عاملين حالن ، مش شايفين و لا سامعين »[11]
و من المضحكات
المبكيات في مسلسلات مصر و أفلامها أن إسرائيل و هي العدو الأول المفترض للدول
العربية ، و بخاصة دول الجوار مع فلسطين ـــ كمصر ــــ إذ وبعد وفاة الفنانة «
نادية لطفي » يوم : 04 فيفري سنة : 2020م، قرأنا ما دونته دولة الاحتلال « إسرائيل
» بالعربية على حسابها في « تويتر» ما نصه
: « وداعا نادية لطفي ... الفنانة المصرية القديرة، و حسناء الشاشة... الأفلام
المصرية التي اعتاد الجمهور في "إسرائيل" مشاهدتها أيام الجمعة... أتحفتنا
بإنتاجها السينمائي الغزير، الله يرحمها و يسكنها فسيح جنانه »[12]
.
كما نعى
المتحدث باسم "الجيش الإسرائيلي" ـــ نعم الجيش الإسرائيلي ، وفاة
الفنانة « نادية لطفي » و قال على حسابه على « تويتر» ما نصه : « بمزيد من الحزن
رحلت عنا الفنانة « نادية لطفي » التي قدمت أعمالا سينمائية خالدة ، كما قدمت
للإنسانية ، أعمالا عظيمة ، و تعد بحق من أهم ممثلات العصر الذهبي للسينما المصرية
، و نحن في إسرائيل اعتدنا متابعة أفلامها كل يوم جمعة عبر شاشة التلفاز
الإسرائيلي » [13]
5 ـــ ما قاله الفنان « راغب علامة » عن خطوة وزير
السياحة و الشؤون الاجتماعية اللبناني « رمزي مشرفية » بعد أن شاهد وصوله إلى مجلس
الوزراء بسيارة أجرة بدلا من موكب ، حيث كتب على حسابه على أحد مواقع التواصل
الاجتماعي ما نصه : « الوزير الجديد ـــ رمزي مشرفية ــ دخل إلى مجلس الوزراء
بسيارة أجرة ، كل الاحترام لك السيد الوزير ، لأن الشعب كره المواكب التي تقفل
الشوارع في وجهه ، و تمشي بعكس القانون ، و تهينه في الشوارع ، و كل مصاريفها من
حساب الخزينة التي يغذيها المواطن ... »[14].
والخلاصة أن
الحديث قياس يا سي رمضان؟
[2] ــ في هذا المعنى يقول
الكاتب الصحفي « عبد الحميد عثماني» ما نصه :« من الخطأ تناول علاقات بلادنا ببلاد
الأناضول من خلال استدعاء عداوات قديمة ، تمتد لخمسة « 05 » قرون ، فإن كان المشرق
قد شكل مهد الثورة العربية ضد الأتراك لأسباب معروفة ، فقد كانت علاقاتهم بدول
المغرب العربي ، إرادية و تحالفية لحماية السيادة من الأطماع الغربية ، و عليه فإن
ماضي العلاقات التركية الجزائرية بعمقها التاريخي يشكل رافدا قويا في تمتين أواصر
الحاضر المشترك، و التطلع نحو إحياء أمجاد المنطقة ».
راجع
: جريدة الشروق ، اليومية الجزائرية ، الصادرة بتاريخ : 03 جمادى الثانية عام :
1441ه ، الموافق : 28 جانفي سنة : 2020 ، العدد : 6394 .
[3] ـــ أقول « البعض» لأن «
التعميم » هنا لا يصلح ، كما أن «البعض» هنا أيضا أغلبهم من نساء الحواضر لا نساء
المدن و الأرياف .
[7] ـــ زيادة على دورهم في
المحافظة على الموروث الثقافي و سعيهم في حدود ما يستطيعون تطوير و تنشيط الحياة
الفنية و الثقافية في بلدانهم .
[8]
ـــ راجع جريدة الشروق ، اليومية الجزائرية ،
الصادرة بتاريخ : 05 جمادى الثانية عام 1441ه ، الموافق : 30 جانفي سنة : 2020م ،
العدد : 9396.
[9] ـــ راجع : جريدة الشروق
، اليومية الجزائرية ، الصادرة بتاريخ :
05 جمادى الثانية عام : 1441ه ، الموافق : 30 جانفي سنة : 2020م ، العدد : 6396 .
[10] ـــ راجع : جريدة الشروق
، اليومية الجزائرية ، الصادرة بتاريخ :
05 جمادى الثانية عام : 1441ه ، الموافق : 30 جانفي سنة : 2020م ، العدد : 6396 .
[12] ـــ راجع : جريدة
الخبر ، اليومية الجزائرية ، الصادرة بتاريخ : 11 جمادى الثانية عام 1441ه ،
الموافق : 05 فيفري سنة : 2020م ، العدد : 9460.
و
نحن نقول : أن ما لم تقله إسرائيل هنا ، هو أن ذلك ـــ الزمن الذهبي ـــ للسينما
المصرية هو ذاته الزمن الذي عرفت فيه مصر الهزيمة العسكرية الكبرى ، و الحديث قياس
يا سي رمضان ! .
[13] ـــ راجع : جريدة
الخبر ، اليومية الجزائرية ، الصادرة بتاريخ : 11 جمادى الثانية عام 1441ه ،
الموافق : 05 فيفري سنة : 2020م ، العدد : 9460.
[14]
ـــ راجع : جريدة الراية اليومية الجزائرية
الصادرة بتاريخ : 08 جمادى الثانية عام : 1441ه ، الموافق : 03 فيفري سنة : 2020م
، العدد : 1949.
صدر في : جريدة جيجل الجديدة ، ليوم الاثنين 19 محرم عام : 1442 هـ ، الموافق : 07 سبتمبر سنة: 2020 م ، العدد : 533.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق