ولله في خلقه شؤون الحلقة 3 : من هنا تكون البداية


ولله في خلقه شؤون

من هنا تكون البداية

الحلقة -3-                          
-         30  ألف دكتور بطال ([1]) ثروة علمية بشرية ضائعة  ، الدولة صرفت ملايير الدينارات لتكوين هؤلاء ليكون مصيرهم البطالة  ، انه سوء التخطيط و التسيير  ، وانعدام الاستشراف في هذا البلد.
        ومادام هذا الأمر واقع فلا داع للبكاء على الأطلال لأنه لا يغير الحاضر  ، ولا يفيد المستقبل لذلك أردت أن أطرح وجهة نظري في كيفية استغلال هذه الطاقة العلمية وذلك من خلال منح الحاملين لشهادة الماجستير و الدكتوراه في كل التخصصات فرصة التوظيف كرؤساء بلديات.
      إنني أرى أن القانون المتعلق بالبلدية الجاري العمل به اليوم  ، لم يحقق الأهداف المرجوة منه،رغم التعديلات التي ظلت تدخل عليه ، بل نراه أنتج وضعا "مقلقا" تمثل على وجه الخصوص في وجود رؤساء بلديات لا يتمتعون بأي مستوى تعليمي يؤهلهم ليكونوا في مستوى أهمية مسؤولية إدارة الشأن العام على المستوى البلدي، الأمر الذي جعل أغلب بلديات الوطن
– باستثناء أحيانا بلديات مقر الولايات -  لا تعرف النمو و التطور و العصرنة المطلوبة فهل من الطبيعي و الجزائر تعرف اليوم ذلك المخاض و تلك الدعوة إلى التغيير و الإصلاح على جميع المستويات وفي كل المجالات ، أن يبقى هؤلاء المسؤولين ([2]) في أماكنهم أو تجدد عهدتهم ([3]) من خلال عملية انتخابية تتحكم في مخرجاتها عوامل شتى ، ليس هنا مكان عرضها.
      وبالمختصر المفيد أريد أن أقترح على أهل القرار هنا مسألة إعادة النظر في العملية الانتخابية على المستوى البلدي ، وذلك من خلال التخلي كلية عن العملية الانتخابية المؤدية لمنصب رئيس البلدية ، وجعلها تتم عن طريق التعيين ([4]) من خلال توظيف أهل الكفاءة من حاملي شهادة ليسانس و الماجستير و الدكتوراه كرؤساء بلديات .
    إنني اعتقد أننا سنرى تغيرا كليا في الحياة الاقتصادية و التنموية في بلديات الوطن وفي اقصر مدة ممكنة ([5] ) إن اعتمد مقترح " التعيين" بدل " الانتخاب".
أقول هذا الكلام لأنني عرفت و عايشت ما استطاع أن يفعله أصغر رئيس بلدية على المستوى الوطني منذ الاستقلال و إلى اليوم "2020 م" و الذي هو السيد " لمخينق رضوان" في بلدية الجمعة بني حبيبي  ، دائرة العنصر ولاية جيجل.
   لقد كان صغر السن هذا الرئيس مطعما بشهادة جامعية "ليسانس حقوق" ، فاستطاع أن يحدث "ثورة " في بلديته خلال خمس سنوات ([6] )فلو افترضنا مثلا هنا ،  أن السيد "رضوان" كان معينا و استمر في منصبه عشرة (10) أو (20) سنة  ، فإن البلدية ستكون لا محالة – مركز عمراني و اقتصادي و ثقافي يضاهي "مكانة" الولاية- ونحن نريد أن تصل جميع بلديات  الوطن إلى أن تكون في مستوى يقارب حتى لا أقول – يضاهي- مدينة مقر الولاية اقتصاديا و تنمويا وثقافيا و اجتماعيا  ، لكن ما يسمى بالعملية الانتخابية الخاصة بالشؤون البلدية ظلت على الدوام  تقدم  في الغالب  رؤساء بلديات  أيديهم "مقطوعة" ورؤوسهم "خاوية" وبطونهم "منتفخة "([7]) .
                                                                 ...يتبع




[1] -انظر الشروق اليومي  ، اليومية الجزائرية العدد : 6395 – ليوم 04 جمادى الثانية 1441 ه الموافق :
29 – 01- 2020 م
[2] -أي رؤساء البلديات.
[3] -لأن القانون الساري المفعول في هذا الشأن لا يحدد عدد العهدات على رئيس البلديات  ، لذلك تجد في بعض الأحيان من استمر كمسؤول على رأسها أكثر من (20) عشرين سنة  ن فهل هذا معقول ؟
[4] - ومعنى هذا إلغاء ما يسمى – بالمجلس البلدي – و الاكتفاء برؤساء المصالح التي تعمل تحت إشراف رئيس البلدية المعين مثلما هو جار العمل به على مستوى الدوائر و الولايات.
[5] -لقد عرفت بلديات الوطن في الماضي – و إلى اليوم – 2020 كل أشكال البؤس و الهوان بسبب ضعف المستوى التعليمي لرؤساء البلديات، حتى أن هناك من لا يستطيع كتابة اسمه فماذا تنتظر من شخص على هذا الشكل  ويشغل منصب رئيس بلدية ؟
في هذا المعنى يقول الكاتب الصحفي " عبد الناصرين عيسى " ما نصه : " لقد  ثبت تورط المئات من الجماعات المحلية ممن سموا أنفسهم بالمنتخبين المحليين في قضايا فساد  ، وسحب البساط من تحت إقدام هؤلاء صار مطلبا شعبيا وعاجلا  ، حتى لا يبقى المسؤولون الصغار الذين كانوا أبواقا للنظام السابق يسيرون شؤون المواطنين  ، وهم معدومو المستوى و الشرعية و حتى الأخلاق ".
انظر : عبد الناصر عيسى " الحيتان الصغيرة " مقال منشور بجريدة الشروق العربي اليومية الجزائرية الصادرة بتاريخ : 22 - جمادى الأولى -  1441 هـ الموافق : 18-01-2020 م  ، العدد 6385.
[6] - وهي مدة العهدة الانتخابية .
[7]  - وبالمقابل  ،فقر وبؤس و بطالة لعموم الساكنة بهذه البلديات  ، لدرجة فقد معها المواطن و عامة الشباب خاصة – لذة – الحياة في بلده و أصبح – يغامر – بالهجرة لأنه يدرك أن ما يحمل من مؤهلات علمية يمكن أن يساعده على الاستقرار في بلد المهجر  ن و الإحصائيات تقول أن عدد الأطباء الجزائريين في فرنسا وحدها يعد بعشرات الآلاف فمن المسؤول على كل هذا ؟ إنهم المكلفون بتسيير الشأن عام على مستوى القمة حيث ينعدم التخطيط و سوء التسيير المؤدي إلى الإهمال ، وعلى المستوى المحلي  ، حيث تنعدم الكفاءة فضاعت مصلحة المواطن بشكل عام و حقوق أهل العلم و الكفاءة في خدمة بلدهم بشكل خاص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته