جامعة الدول العربية بين الواقع و الممكن و المأمول - قمة تونس العادية لسنة 2019 نموذجا

جامعة الدول العربية بين الواقع و الممكن و المأمول
- قمة تونس العادية لسنة 2019 نموذجا

الحلقة : 28
لقد حملت القمة العربية العادية الثلاثون (30)  المنعقدة بعاصمة الجمهورية التونسية يوم 31 مارس عام 2019 عنوانا ونصه : ( قمة العزم و التضامن ) , انه عنوان واسع في أبعاده المستقبلية و أثاره الآنية  , عديدة دلالاته كبير في حجمه كبر ( عمق) العلاقات العربية - العربية وما يهددها من مخاطر بعد أن تحولت المنطقة العربية اليوم (2019) (1)  إلى ساحات للصراعات الدولية و الإقليمية , و النزاعات المذهبية و الطائفية.
        إن العلاقات العربية - العربية التي نعتقد انه كلما تطورت زادت أهميتها من حيث الأمن و الاستقرار و التنمية .
       نقول ( الأمن ) لأننا ندرك أن الخلافات و الصراعات في المنطقة العربية كانت ولا زالت و ستبقى سببا رئيسيا في إضعاف التضامن العربي و استنزاف الكثير من الإمكانيات و الطاقات التي تعتمد في المسارات التي يتبعها و يعتمد عليها (الأمن القومي العربي) بأوسع مفاهيمه و التنمية المستدامة بكل أشكالها و صورها (2).
       إن هذا العنوان يعني عندنا ضرورة إنهاء كل أشكال و أنواع و حجم الصراعات و لتوترات التي سيعرفها الوطن العربي في مشرقه و مغربه (3) في هذا المعنى يذكر القادة العرب في البيان الصادر عن قمتهم هذه بالنسبة لفلسطين: 
1- أنهم ( يجددون) التأكيد على المكانة المركزية للقضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك ) و أن أية تسوية في هذا الشأن لابد أن تكون هادفة إلى  :( تحقيق السلام العادل و الشامل ... وفق قرارات الشرعية الدولية , و مبادرة السلام العربية ... و مبدأ حل الدولتين ).
2- يؤكدون على  : (مواصلة تقديم كل أشكال الدعم السياسي و المعنوي و المادي للشعب الفلسطيني ) ووقوفهم : (إلى جانبه في صموده ونضاله من أجل استرداد حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير و إقامة دولته المستقلة على حدود 4 جوان 1964 وعاصمتها القدس الشرقية و حق العودة وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 ) .
3- متمسكون بدعوة (المجتمع الدولي ) عموما و ( مجلس الأمن ا لدولي ) خصوصا إلى (تحمل المسؤولية ) فيما يخص (توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني ) ويطالبون (دول العالم بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ’ وعدم نقل سفاراتها إليها التزاما بقراري مجلس الأمن رقم 476 و 478 بهذا الخصوص )
يتبع...
---------------------
(1) -  بل و حتى قبلها
(2) - هنا نذكر  : 
أ- بما أوضحته الأمينة العامة المساعدة ورئيسة قطاع  الشؤون الاجتماعية لدى جامعة الدول العربية في كلمتها خلال الاجتماع التحضيري لهذه القمة حيث أبرزت أن جدول أعمال هذه القمة اشتمل على : ( عدد من الموضوعات الاقتصادية و الاجتماعية التي تمثل أولوية للعمل العربي المشترك و تمس نتائجها حياة المواطن العربي بمختلف فئاته بصورة مباشرة و أن الموضوعات المطروحة خلال هذا  الاجتماع جاءت لتواجه التحديات التي تشهدها الدول العربية لمواصلة مسيرة التنمية المستدامة و اتساقا مع التزام القادة العرب في سبتمبر 2015 بتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 , كما أكدت أن الارتقاء بحياة المواطن العربية يتطلب السعي من خلال خطط و برامج تأخذ بعين الاعتبار العائد الديموغرافي و الإمكانيات  الطبيعية و البشرية الهائلة في الدول العربية ) راجع (جريدة جيجل الجديدة )العدد : 256 ليوم 21 رجب عام 1440 الموافق ل 28 مارس 2019.
ب-في هذا المعنى أيضا أفاد صندوق النقد الدولي في تقرير (آفاق الاقتصاد العربي 2019 ) إلى أن الدول العربية  بحاجة إلى (60) مليون وظيفة جديدة حتى عام 2020 للإبقاء على مستويات بطالة الشباب عند مستوياتها الحالية كما أشار في هذا التقرير إلى أن معدل البطالة في الدول العربية بلغ 10 بالمائة خلال العام الماضي و هو ما يمثل تقريبا ضعف المتوسط العالمي البالغ 5.4 بالمائة و وموضحا بأن الفترة من 2009-2018 اتسمت بانخفاض معدل النمو ليسجل 2.6 بالمائة مقارنة بمعدل نمو القوى العاملة المقدر ب3.3. بالمائة وحسب تقرير صندوق النقد الدولي هذا أيضا تتركز البطالة في أوساط الشباب في الشريحة العمرية (15-24) سنة حيث بلغ معدل بطالة الشباب في الدول العربية 26.1 بالمائة عام 2018 وهو تقريبا المستوى المسجل سنة 2000 . ومن جانب آخر يضيف تقرير الصندوق أن مستويات البطالة ترتفع عند الشباب بشكل كبير في أوساط الإناث حيث تصل إلى 40 بالمائة مقابل 15 بالمائة في المتوسط العالمي وهو ما يحد من فارق النمو في الدول العربية ويضعف من معدل نمو العمالة و السكان النشيطين اقتصاديا و الطاقات الإنتاجية الحالية .
راجع تفاصيل أكثر في جريدة النهار  العدد : 3519 ليوم 7 شعبان 1440 الموافق ل 13 افريل 2019
كما أكد القادة العرب في قمتهم هذه مجددا على : ( أهمية البعد الاقتصادي والتنموي في العمل العربي المشترك ) و إشادتهم ( بنتائج الدورة الرابعة  للقمة التنموية الاقتصادية و الاجتماعية المنعقدة ببيروت يوم 20 جانفي 2019 ).
كما أكدوا أيضا على : ( الحاجة الملحة في وطننا العربي اليوم , لمضاعفة الجهود المشتركة من أجل دفع التعاون الاقتصادي من خلال استثمار المزايا التكاملية و الإمكانيات و الموارد الطبيعية و المالية , و الطاقات البشرية المتوفرة في البلدان العربية ... بما يمكن من بناء تكتل اقتصادي عربي , يكون قادرا على ... الإسهام في دفع مسارات التنمية في البلدان العربية , و توفير فرص العمل للشباب العربي .

(3) - لقد دعت الجزائر في هذا الشأن  من خلال وفدها الرسمي إلى : ( ضرورة تنقية الأجواء العربية و إيجاد حلول سلمية لمختلف الأزمات القائمة بينها من خلال تفعيل التضامن  العربي و الانصراف نحو حل القضايا المصيرية التي تواجه امتنا العربية كما أوضح بالقول : ( نلتقي مجددا في هذه القمة في ظل ظروف يشهد فيها الوطن العربي تحولات و تحديات كبرى على جميع الأصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و تحديد الموقف من تداعياتها) ويواصل قائلا : ( ويبقى التكامل الاقتصادي بين الدول العربية هدفا ساميا ينبغي علينا تحقيقه و ضبط أولوياته استغلال امثل القدرات الهائلة التي يزخر بها وطننا العرب في إطار إرساء قواعد عملية في كل خطوة نخطوها كما ينبغي علينا اليوم تشخيص مسار التكامل العربي انطلاقا من رصد المستوى الذي بلغه  هذا المشروع و اعمل بالتدريج على تجسيد المراحل الجديدة التي يتحتم علينا الاتفاق عليها ) و مشددا ممثل الجزائر في هذا الخصوص في ظل مقاطعة كبيرة من قبل رؤساء و ملوك الدول العربية لهذه  القمة إلى : ( إن واقع الأزمات المحيطة بعالمنا العربي ينبغي ان لا يثني عزيمتنا و أن لا ينال من إصرارنا على تسخير كافة قدراتنا لتحقيق التكامل التنموي المنشود خاصة و أن دولنا تدرك اليوم بأن التطورات في هذا العالم المترابط الصلات بشهد تحولات سريعة , يتعين علينا فيها ضرورة مواكبتها... فدولنا العربية بصفة متفاوتة و حسب واقع كل واحدة منها وفقا لإمكانياتها وتجاربها الذاتية تعد اليوم عمليا منخرطة في عمل مشترك متواصل يرمي إلى إرساء تعاون وشراكة و اندماج ) وخلص إلى القول بأن :( تحقيق هذا الطموح - التكامل العربي - يبقى مرتبطا بمدى قدرتنا على تجاوز خلافاتنا و العمل على إعادة اللحمة بيننا من أجل تهيئة أرضية حقيقة لبناء صرح التكتل الاقتصادي العربي المنشود , والرامي إلى بلوغ منظومة عربية اقتصادية جديدة وقوية وحاضرة على الساحة الإقليمية و الدولية )
راجع الشروق العربي العدد : 6059 ليوم 14 جمادى الأولى 1440 الموافق ل 21 مارس 2019.

مقال صادر في :

  جريدة وطنية جزائرية للاخبار العامة

العدد 263 ليوم 17 شعبان 1440 الموافق ل 22 افريل 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته