جامعة الدول العربية إلى أين ؟ الحلقة 27

الاستاذ عبد الحميد دغبار

جامعة الدول العربية إلى أين ؟

الحلقة 27
    ظل الوطن العربي منذ منتصف الأربعينيات من القرن الماضي    يعيش أوضاعا   اقل متا يقال عنها أنها لا تأتي   إلا حيث يكون : 
1- النظام الحاكم يتسم بعدم الاستقرار  .
2- شاشة المؤسسات ، حتى لا نقول موتها   
3- العمل بلا إستراتيجية واضحة الأهداف   شاملة المنطلقات محددة الخلفيات و الأبعاد .
      إننا نعتقد أن الغياب – شبه الكلي – لهذه الأطر التنظيمية و غيرها هو الذي يعيق بالمجمل ، السير الطبيعي لأجهزة و هياكل تلك الأنظمة ، - ويعقل – كل نشاط أو برنامج – طموح – قادر على إيصالها لمصاف الدول الصاعدة التي يعرفها عالم اليوم (2018)   رغم ما لهذه الدول العربية من قوة مساعدة على انطلاقة حقيقية وواعدة  .
      وإذا كان هذا هو الوضع العربي العام فإن ذلك لا يعني قضاء و قدر كما أن مسؤولية الباحثين الأكاديميين و الدارسين المختصين هنا تفرض واجب البحث عن سبل المعالجة، وطرق الخروج من ذلك الوضع . إنها مسؤولية – نخبة المجتمع – و التي هي في كل الأزمنة – الصفوة – التي ينتظر منها المجتمع اقتراح ما هو مناسب لتجاوز العثرات و المطبات . التي حالت دون الوصول إلى المكان المناسب للعصر و إيجاد – منفذ – مساعد على لنمو و التطور ، و التخلص من – التبعية – بكل أشكالها و أنواعها و ما أكثرها اليوم في وطننا العربي فمن تبعية غذائية مهددة للأمن العربي   ، وتلك الإشارة المتأتية من احد ابرز الأحداث المتصلة بالوطن العربي و تداعياتها هنا نذكر عل سبيل المثال ما أوردته بعض الصحف التركية من أن – صراعا- نشب بين الأجهزة الاستخباراتية البريطانية ضد الاستخبارات السعودية و الأمريكية و الإسرائيلية و المبرر في ذلك هو أن ( واشنطن كانت تسعى لإعادة تشكيل المنطقة العربية بالتعاون مع إسرائيل و السعودية و مصر و الأردن و الإمارات ، وترك بريطانيا خارج المعادلة كما جاء في صحيفة (ملليت ) التركية و تواصل الصحيفة قائلة أن المشكلة أبعد من هذا بكثير فهي متعلقة : (ببيع أسهم شركة – ارامكو- السعودية و البلد الذي ستبقى فيه هذه الأموال ... لنفترض أن أسهم (ارامكو) بيعت في نيويورك ، ستبقى الأموال في الولايات المتحدة ، تريد بريطانيا ان يكون طرح الأسهم في بورصة لندن و ان تبقى هذه الأموال على أراضيها ، المبلغ هائل يصل إلى (450) مليون دولار ) . راجع الشروق العدد 6009 ليوم 29 ربيع الأول 1440 الموافق 1/12/2018.
      هكذا صبحت أموال النفط العربية اليوم و غدا محل صراع أجهزة دول العالم للاستحواذ عليها فمن المستفيد هنا ؟ الجواب نتركه للقراء.
... يتبع
  - و الحقيقة لا زال إلى اليوم (2018)
   - اجتماعية و اقتصادية و سياسية و ثقافية .
  - وان كانت لا تعمر طويلا ، كما هو الحال في الوطن العربي .
  - بسبب انسداد الأفق الديمقراطي الذي لا بديل عنه لكل مجتمع يطمح لاستقرار نظامه.
  - لانعدام الدور الفاعل لها و التي تعتبر في المجتمعات المتقدمة القعدة المتينة و الجدار الصلب الذي يحمي المجتمع من كل الأخطار ، في هذا الإطار يقول الكاتب (عبد الناصر بن عيسى) عن البرلمان الجزائري بغرفتيه ما يلي : (...لا افهم كيف تعد مختلف المديريات  و الهيئات قائمة شروط لا تنتهي ، من مستوى تعليمي محترم ز خبرة و شهادة سوابق عدلية بيضاء ، من اجل توظيف حارس او سائق او عون مكتب ، ولا تشترط مستوى تعليمي و أخلاقي لمن يريد ان يتبوأ مقعده من ( جنة المجلس الشعبي الوطني، او مجلس الأمة ، ولا افهم كيف يصبح هم بعض الطامحين في الجلوس على هذه المقاعد هو الحصول على الحصانة و كأنهم سيقودون عصابات إجرامية ، أو قد نووا القيام بتجاوزات من اجل الثراء ، خلال فترة السنوات الخمس (5) التي يقضونها و هم يحملون لقب (برلماني) أو ( سيناتور) ... لقد أكدت العقود الأخيرة ان البرلمان الجزائري بغرفتيه ، و مجرد هيكل بلا روح لم يسبق ان قدم الاقتراح او الاعتراض ... الخاسر الوحيد هو الشعب الذي أقحموا اسمه وهو لا يدري في المجلس (الشعبي) الوطني و الأمة التي أقحموا اسمها و هي لا تدري في مجلس ( الأمة)...).
راجع الشروق ، اليومية الجزائرية العدد : 6009 ، ليوم 23 ربيع الاول 1440 ، الموافق 1/12/2018
  - الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية و التي تعمل وفق مقتضياتها مؤسسات النظام الحاكم .
  - كتركيا و الهند و البرازيل و الأرجنتين و ماليزيا و اندونيسيا و كوريا الجنوبية ، في هذا المعنى يقول الكاتب ( حسين لقرع) أنه و : (قبل وصول حزب (العدالة و التنمية ) بقيادة اردوغان إلى الحكم في عام 2002 كان الاقتصاد التركي متخلفا و يحتل المرتبة (116) عالميا ، و نتذكر جميعا كيف كانت القيمة المتدنية لليرة التركية موضع تندر السياح الأجانب ... اليوم تغير الوضع تماما و تبدل وجه تركيا جذريا و حقق اقتصادها قفزات عملاقة جعلته يتبوأ المرتبة (17) عالميا أي انه قطع (99) مرتبة كاملة في ظرف (16 سنة فقط و هو معجزة اقتصادية بكل المقاييس ... انه نموذج تنموي مشرف في العالم الإسلامي الذي تغرق دوله في الاستبداد و الفساد... من المهم جدا أن يكون ي صفوف أقوياء العالم نماذج لدول إسلامية وسطية معتدلة و متقدمة اقتصاديا مثل تركيا و ماليزيا... حتى يتأكد العالم أن التخلف غير لصيق بالمسلمين و مسؤوليته تتحملها أنظمتهم الحاكمة التي احترفت الاستبداد و القمع و كبت الأنفاس و حرمت شعوبها من حقها في الديمقراطية و الحريات و اختيار الحكام و عزلهم كما غرقت في الفساد حتى أذنيها و أمعنت في نهب ثروات شعوبها و تبديد مقدراتها ورمت بها إلى براثن الفقر و البؤس ...لتقضي بذلك على كل فرص التنمية و الخروج م ن التخلف و ما كانت تركيا لتشكل الاستثناء لو لم يتخلى العسكر الاتتاتوركيون عن غيهم بعد سبعة عقود من الحكم الشمولي الفاسد و يعيد الكلمة للشعب التركي ليختار حكامه كما يشاء فكانت تجربة ( العدالة و التنمية) ... التي حققت في (16) سنة فقط ما عجز عنه الاتتاتوركيون  طيلة (70) سنة ، ولا شكل لدينا ان العالم الإسلامي مليء بأمثال اردوغان الذين يستطيعون بدورهم قيادة بلدانهم إلى بر الأمان لكن احتكار المستبدين الفاسدين للحكم و منع تداوله قضى على أي إمكانية لبروزهم ) .
راجع في هذا الشأن : الشروق العدد 6005 ، ليوم 19 ربيع الأول 1440 ، الموافق 27 /11 /2018 .
  - إننا ندرك أن اهم احد هذه العناصر المساعدة في الدول العربية هي المصادر المالية المتأتية من صادراتها و التي من أهمها البترول و الغاز، و اتي نعتقد بل نؤكد أن مفعولها و تأثيرها هذا قد يتضاءل على المدى القريب و لعل أول إشارة – واضحة للعيان * هي تلك التي جاءت من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ( دونالد ترامب ) حين عبر عن انخفاض اهمية نفط الشرق الأوسط لبلاده بقوله في تصريح لصحية ( واشنطن بوست) و الذي مؤداه : (... هل سنبقى في تلك المنطقة ؟ - يقصد الشرق الأوسط – هناك سبب واحد للبقاء هو إسرائيل ... النفط كسبب للبقاء تتضاءل أهميته لن إنتاجنا منه في الوقت الحالي أكبر من أي وقت مضى... هذا  يعني أننا قد نصل فجأة الى نقطة لن نحتاج فيها إلى البقاء هناك...)
راجع الشروق اليومية الجزائرية ، العدد 6009 ليوم 22 ربيع الأول 1440 الموافق 30/11/2018 .
انني نا اقرأ في هذا التصريح ما يشبه التحذير للدول العربية التي تعتمد صادراتها إلى الخارج على البترول ، وتحضر ميزانية بلدها السنوية على عائدات هذه المادة بنسبة تتجاوز عند اغلبها 98 %  .
  - في هذا المعنى كتب (حفيظ صواليلي) في جريدة الخبر الجزائرية الصادرة يوم 4 ذي الحجة 1140 الموافق ل 15/08/2018 العدد 8959 يقول معلقا على تقرير صادر عن المصالح الفلاحية الخارجية التابعة لكتابة الدولة للشؤون الأمريكية   للزراعة تحت عنوان : الحبوب... الأسواق العالمية و التجارة ) ما يلي : (...لقد أبان التقرير عن المستويات المعتبرة لمقتنيات الجزائر من الحبوب التي تضعها في مصاف أهم الدول المستوردة و حتى المستهلكة ... كما تبقى الجزائر كما بين التقرير أن متوسط ما تستورد الجزائر يقدر حاليا(2018): (7.2 مليون طن ) مقابل مستوى قياسي سنتي : 2016 – 2017 و الذي كان في حدود : (8.200 )مليون طن ... علما بأن الجزائر ، رفقة مصر هما من اكبر الدول المستوردة و المستهلكة للقمح ...) ويضيف قائلا : (... تبقى الجزائر غير قادرة على تغطية الجز الأكبر من حاجياتها من  الحبوب ، حيث تقوم باستيراد – بصورة منتظمة – حوالي : 60 %   من حاجياتها من المنتجات الأساسية المستوردة (القمح اللين – الذرة – القمح الصلب – الشعير ) وتعد فرنسا أهم ممول لجزائر بالنسبة للقمح فيما تعتبر أمريكا الشمالية احد أهم ممولي الجزائر من الذرة التي توجه أساسا لتربية الإنعام و المواشي , هكذا إذا يبقى أمننا الغذائي مهدا طالما لم تتخذ الإجراءات  المناسبة للحد من هذه التبعية ، أنها مسؤولية ثقيلة تستوجب بعد النظر ، وتقدير المخاطر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته