جامعة الدول العربية إلى أين ؟

جامعة الدول العربية إلى أين ؟

جامعة الدول العربية إلى أين ؟

  الحلقة : 25   
     يعيش الوطن العربي منذ أكثر من نصف قرن حالة من عدم الاستقرار – على عكس دول الاتحاد الأوروبي مثلا – الأمر الذي انعكس سلبا على دور جامعة الدول العربية خاصة منها ما تعلق بتحقيق رغبات ومطالب الشعوب العربية بكل فآتها وطبقاتها و مستوياتها.
     إن المسار التاريخي لهذا المنتظم الإقليمي العربي يبين و يؤكد أنه ومنذ عام 1945 و إلى اليوم (2018) لم يستطع حماية الشعوب العربية و أرضها من الاعتداءات الخارجية ( العراق  و سوريا  ) هنا خير مثال ، كما لم يوفق في حل الخلافات التي قامت بين الدول العربية ، وما أكثرها في وطننا العربي منذ خمسينيات القرن الماضي و الى اليوم ( 2018) خاصة منها تلك المتعلقة بمنازعات الحدود ، وكل أشكال التدخل في الشأن الداخلي  .
      و بالنظر لأهمية منصب الأمين العام للجامعة في تسوية الأزمات التي تنتج عن الخلافات العربية – العربية أو على الأقل التقليل من تداعياتها على الشعوب العربية و مستقبلها من خلال تفعيل القرارات و التوصيات المتخذة في إطارها .
     ثم لا احد ينكر أهمية هذا المنصب المؤثر على المستوى الخارجي باعتبار الأمين العام يمثل الصوت العربي العام في المحافل الدولية , و بخاصة منظمة الأمم المتحدة و باقي المنظمات العالمية المتخصصة و كذا المنظمات الدولية الإقليمية .
   من هنا يكون منصب الأمين العام للجامعة محل اهتمام كل الدول العربي الأعضاء في لمنتظم و محل قبول و رضا شعوبها إذا ما استطاع التعبير (الصريح و الضمني ) عن الصوت الجماعي للدول العربية على جميع المستويات المحلية و الإقليمية و الدولية .
     و إذا كانت القاعدة العامة تقول : إن إرضاء الجميع غاية لا تدرك , فإن الأمين العام لجامعة الدول العربية مطالب بالحصول على رضا الجميع فما أصعب هذه المهمة في ظل التناقضات و الخلافات العربية حتى في ابسط القضايا التي يمكن أن يحصل الاجتماع بشأنها دون إن يلحق ذلك ضررا بأي طرف كالوضع في الصحراء الغربية مثلا.  ألا يعتبر الشعب الصحراوي جزاءا من الشعب العربي يستحق الحماية والدعم من الدول العربية جمعاء أولا ومن المنتظم العربي ثانيا ومن الأمين العام للجامعة ثالثا  ’لكن مواقف أغلب هذه الأطراف غلب عليها الغموض أحيانا والعداء والرفض في أحيان أخرى , ولم تنل التأييد والدعم إلا من قبل أطراف قليلة كالجزائر مثلا .
       وإذا كان هذا واقعا معاشا لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه ما دامت الأوضاع السياسية القائمة في الوطن  العربي مستمرة , و ما دامت المنطقة العربية محل أطماع القوة الكبرى في العالم لأسباب كثيرة سنعود لتعدادها و دراستها و تحليلها في حلقات قادم.
       إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة أخرى مؤداها ذلك العرف غير المقبول في الوقت الحاضر من قبل العديد من الأطراف العربية و منها الجزائر التي ظلت تعمل على إصلاح الجامعة إصلاحا جذريا بحيث تصبح معه منظمة دولية إقليمية فاعلة في محيطها الجغرافي  .
       في هذا الإطار يمكن أن نقدم هنا كدليل ما صرح به وزير الخارجية الجزائرية السيد ( عبد القادر مساهل ) للإذاعة الوطنية الجزائرية بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للدبلوماسية الجزائرية الموافق ل 8 أكتوبر من كل عام و الذي مِداه : ( إن الجزائر قدمت اقتراحات لإصلاح الجامعة و نتمنى أن يساهم ذلك في تطوير العمل العربي المشترك  تحت مظلة الجامعة و التعامل بفعالية مع كل ما يجري في وطننا العربي و في محيطنا الإقليمي و الدولي ... طريقة عمل الجامعة أصبحت لا تستجيب لمتطلبات العمل المشترك بما يسمح لإيجاد الحلول للمسائل المرتبطة بظاهرة ... الجريمة المنظمة و إيجاد الحلول للخلافات و النزاعات بالطرق السلمية . ان الجامعة العربية لم تعد قادرة على تقديم الحلول لمشكلاتنا العربية و صارت الحلول تفرض عليها م خارجها )  .
علما بأن مسار المطالبة بإصلاح المنظمات الدولية الإقليمية هو شعار و قاعدة دأبت الجزائر على المطالبة بها و لنا هنا كمثال سعيها الدائم لإصلاح الاتحاد الإفريقي ، في هذا الإطار بقول وزير الخارجية الجزائري أيضا ( السيد عبد القادر مساهل ) ما يلي : ( إن الجزائر ساهمت بشكل كبير في كل مراحل الإصلاح المؤسساتي للاتحاد الأفريقي منذ قمة كيغالي سنة 2016 بهدف تعزيز العمل الإفريقي المشترك و مسايرة التحولات التي تعرفها القارة ... ان الجزائر شاركت في الدفاع عن المبادئ التي تجعل من الاتحاد الإفريقي منظمة قارية حكومية ... وما فتئت تشدد عليه في كل الاجتماعات التنفيذية للاتحاد أو القمم التي انعقدت منذ عام 2016 )  

[1]  -تدخل القوات الأمريكية في العراق عام 2003 و ما نتج عن ذلك من تبعات نذكر منها :
أ – إعادة الشعب العراقي الى الوراء عشرات السنينب- مئات الآلاف من القتلى و الجرحى المدنينين العراقيين الآمنينج- معاناة ابناء هذا الوطن من تعذيب في السجون التي كانت القوات الأمريكية تديرها – بتعسف – و لعل فضيحة سجن ابو غريب خير مثال هنا .[2] - هذا البلد الجريح الذي عرف شعبه اكبر أزمة – لجوء- و دمار لممتلكاته و قتلا لأبنائه منذ بداية أزمته , أي أزمة هذا الشعب مع نظامه القائم .
[3] - راجع بهذا الخصوص كتابنا الصادر عن دار ( هومه) للطباعة و النشر في طبعته الثانية تحت عنوان : ( تسوية المنازعات الإقليمية العربية بالطرق السلمية في إطار ميثاق جامعة الدول العربية ) .[4] - انظر جريدة الخبر العدد 19012 ليوم 29 محرم 1440 الموافق 9 اكتوبر 2018.[5]- انظر جريدة الخبر العدد 19053 ليوم 11  ربيع الأول  1440 الموافق 19  نوفمبر 2018.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته