جامعة الدول العربية .. واقع وآفاق مفهوم النزاع و التفرقة بينه وبين الصراع و التوتر و ألازمة و الحرب
جامعة الدول العربية .. واقع وآفاق
مفهوم النزاع و التفرقة بينه وبين الصراع و التوتر و ألازمة و الحربالحلقة 21 :
مواصلة للحلقة السابقة من هذه الدراسة و التي تناولنا فيها مبدأ التسوية السلمية للمنازعات , نقدم اليوم في هذه الحلقة جوانب أخرى متصلة بالموضوع وهي على وجه التحديد التعريف الشامل بمفهوم النزاع و التفرقة بينه وبين الصراع و التوتر و الأزمة و الحرب , و هي كما نعلم مصطلحات متداولة في الوسط الإعلامي و غيره ، دون تحديد لمدلولها القانوني . كما سنقدم في النهاية خلاصة لمجال هذا المبدأ في مواثيق المنظمات الدولية العالمية .
و بداية نقول أن المجتمع العربي هو جزء من المجتمع الدولي و بالتالي فهو يتأثر بما يتأثر به سلبا و إيجابا. كما أنه يسعى إلى ما يسعى إليه ومن الطبيعي إذن أن يتفطن الشعب ومعه الأنظمة السياسية الحاكمة إلى ما تفطنت إليه الشعوب و الأنظمة الأخرى و منها اعتماد هذا المبدأ سواء في علاقات الدول العربية مع بعضها البعض أو في علاقتها مع المجموعة الخارجة عن الإطار العربي , و لعل هذا هو ما يفسر لنا اعتماد هذا المبدأ في جل المواثيق بدءا ببرتوكول الإسكندرية و ميثاق الجامعة و انتهاء بمعاهدة الدفاع المشترك و التعاون الاقتصادي التي تقول بعض نصوصها : ( إن الدول المتعاقدة حرصا منها على دوام الأمن و السلام و...... عزمها على فض جميع منازعتها الدولية بالطرق السلمية سواء في علاقتها المتبادلة فيما بينها أو في علاقتها مع الدول الأخرى....) .
إن هذه الاتفاقية قد زادت هذا المبدأ إيضاحا كما أعطته تفسيرا أوسع و تطبيقا أشمل و أعم , كما أزالت كل غموض ووضعت حدا لكل التأويلات التي قد يتخذها البعض لاستبعاد مسؤوليتها في حالة وقوع أحداث تستدعي تطبيق المبدأ , و ما أكثرها في وطننا العربي اليوم (2018) .
وبناءا على ما سبق فإننا سنتناول هنا :
1- تحديد مفهوم النزاع .
2- التفرقة بين النزاع و الصراع و التوتر و الأزمة و الحرب .
تعريف النزاع : إن العلاقات بين الدول ليست دائما مستقرة و هادئة , إذ كلما تعارضت مصالحها إلا و قام النزاع بينها , و من ثم فالنزاع المقصود هنا هو كل نزاع توفر فيه عنصران اثنان , أولهما أن يكون أطرافه من الدول الأعضاء في الجماعة الدولية , و نذكر هنا بالمناسبة ما ذهبت إليه النظرية التقليدية في قانون الحرب و التي تصنف الصراعات الداخلية أو الحرب الأهلية خارج نطاق الحرب الدولية , أي أنها خارج نطاق القانون الدولي , و تخضع لاختصاص الداخلي لكل دولة و لا يستثني من هذا المجال إلا حالة الاعتراف للثوار بصفة المحاربين , فعندها تعتبر الحرب الأهلية حرب دولية في مفهوم القانون الدولي , غير أننا نرى عكس هذا تماما , بل إننا نقول أن هذا المفهوم خطير جدا باعتباره يمس مباشرة حق الشعوب في تقرير مصيرها .
فحسب مفهوم هذه النظرية النزاعات المسلحة الداخلية تخرج عن نطاق القانون الدولي لأنها تعتبر تمردا أو عصيانا, و لا ترقى إلا مرتبة الحرب إلا بعدما يتم الاعتراف للثوار بصفة محاربين.
و بإسقاط هذه المفاهيم على الوطن العربي نقول أن ميثاق جامعة الدول العربية لم يقدم تعريفا جامعا مانعا لمفهوم النزاع بشكل عام و إن كانت الثورة الفلسطينية كانت و لازالت الشغل الشاغل لها و للدول العربية الأعضاء فيها .
و بالعودة لما صدر عن مؤتمر القمة (17) المنعقد بالجزائر نجد مايلي: (.... التأكيد مجددا على التمسك بالسلام العادل و الشامل في منطقة الشرق الأوسط كخيار استراتيجي لحل الصراع العربي الإسرائيلي .... واستغلال الأجواء المستجدة التي أنعشت الآمال في استئناف العملية السلمية...من أجل التوصل إلى السلام العادل و الشامل الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية...وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشريف, و حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلا عاجلا ... ورفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافي ومبادئ القانون الدولي وقواعده ذات الصلة...).
إن كسب الشعب الفلسطيني وثورته الشرعية القانونية ليس وليد اليوم في الواقع بل يعود – كما نعلم جميعا – إلى الأيام الأولى لقيام هذه الثورة فهي من البداية كسبت الشرعية بمساعدة الدول العربية بالطبع وجهود جامعة الدول العربية في هذا المجال لا يخفى على بال وما صدر عن لقاء الجزائر في الفقرة المذكورة أعلاه دليل على ذلك .
بالعودة لموضوع هذه الحلقة المتعلق بتعريف النزاع , وبعد أن عرفنا العنصر الأول الواجب توفره لوصف الحادث بحالة النزاع لابد من معرفة العنصر الثاني و المعبر عنه بظاهرة سلوكية معينة و محددة ونعتقد أن تعريف النزاع لن يكتمل إلا بمعرفة ما أقرته بعض الأجهزة الدولية المختصة , و نقدم هنا التعريف الذي أعطته محكمة العدل الدولية الدائمة ،فحسب قرار هذه المحكمة (كل خلاف بين دولتين على مسالة قانونية أو حادث معين أو بسبب تعارض وجهات نظرها القانونية أو مصالحها ), ويعتبر نزاعا دوليا
وان كان البعض يفرق بين المنازعات ذات الطابع القانوني والمنازعات ذات الطابع السياسي ، كما أن الصفة الدولية للنزاع لا يمكن ان تقتصر على المنازعات التي تقوم بين الدول و إنما يمكن أن تنصرف إلى تلك المنازعات التي تقوم بين الدول من الناحية و الأشخاص الدولية أو الوحدات السياسية, ومن هنا يعتبر النزاع الذي يقوم بين الشعب مطالبا بحق تقرير المصير له صفة دولية متى توفرت معايير معينة كالإقليم الذي يقطنه هذا الشعب و الروابط المشتركة التي تجمعه التاريخية منها و اللغوية و الاجتماعية ، و الاقتصادية و الدينية , و بعبارة أخرى التأكد من مفهوم الشعب صاحب حق تقرير المصير .
و معلوم أن شعبا بلا دولة تمثله على المستوى الخارجي وتعمل على استقراره و حمايته , لا يمكن أن يحمل الصفة الدولية إلا أن هذه الاعتبارات تلغى عند قيامه بحركة تحررية من قبضة الاستعمار و هو الوضع الذي عرفته اغلب شعوب قارة آسيا و أمريكة اللاتينية و إفريقيا و منها بالضرورة الشعب الجزائري وثورته التحريرية والتي انتهت بحصولها على الاستقلال عام 1962.
و بداية نقول أن المجتمع العربي هو جزء من المجتمع الدولي و بالتالي فهو يتأثر بما يتأثر به سلبا و إيجابا. كما أنه يسعى إلى ما يسعى إليه ومن الطبيعي إذن أن يتفطن الشعب ومعه الأنظمة السياسية الحاكمة إلى ما تفطنت إليه الشعوب و الأنظمة الأخرى و منها اعتماد هذا المبدأ سواء في علاقات الدول العربية مع بعضها البعض أو في علاقتها مع المجموعة الخارجة عن الإطار العربي , و لعل هذا هو ما يفسر لنا اعتماد هذا المبدأ في جل المواثيق بدءا ببرتوكول الإسكندرية و ميثاق الجامعة و انتهاء بمعاهدة الدفاع المشترك و التعاون الاقتصادي التي تقول بعض نصوصها : ( إن الدول المتعاقدة حرصا منها على دوام الأمن و السلام و...... عزمها على فض جميع منازعتها الدولية بالطرق السلمية سواء في علاقتها المتبادلة فيما بينها أو في علاقتها مع الدول الأخرى....) .
إن هذه الاتفاقية قد زادت هذا المبدأ إيضاحا كما أعطته تفسيرا أوسع و تطبيقا أشمل و أعم , كما أزالت كل غموض ووضعت حدا لكل التأويلات التي قد يتخذها البعض لاستبعاد مسؤوليتها في حالة وقوع أحداث تستدعي تطبيق المبدأ , و ما أكثرها في وطننا العربي اليوم (2018) .
وبناءا على ما سبق فإننا سنتناول هنا :
1- تحديد مفهوم النزاع .
2- التفرقة بين النزاع و الصراع و التوتر و الأزمة و الحرب .
تعريف النزاع : إن العلاقات بين الدول ليست دائما مستقرة و هادئة , إذ كلما تعارضت مصالحها إلا و قام النزاع بينها , و من ثم فالنزاع المقصود هنا هو كل نزاع توفر فيه عنصران اثنان , أولهما أن يكون أطرافه من الدول الأعضاء في الجماعة الدولية , و نذكر هنا بالمناسبة ما ذهبت إليه النظرية التقليدية في قانون الحرب و التي تصنف الصراعات الداخلية أو الحرب الأهلية خارج نطاق الحرب الدولية , أي أنها خارج نطاق القانون الدولي , و تخضع لاختصاص الداخلي لكل دولة و لا يستثني من هذا المجال إلا حالة الاعتراف للثوار بصفة المحاربين , فعندها تعتبر الحرب الأهلية حرب دولية في مفهوم القانون الدولي , غير أننا نرى عكس هذا تماما , بل إننا نقول أن هذا المفهوم خطير جدا باعتباره يمس مباشرة حق الشعوب في تقرير مصيرها .
فحسب مفهوم هذه النظرية النزاعات المسلحة الداخلية تخرج عن نطاق القانون الدولي لأنها تعتبر تمردا أو عصيانا, و لا ترقى إلا مرتبة الحرب إلا بعدما يتم الاعتراف للثوار بصفة محاربين.
و بإسقاط هذه المفاهيم على الوطن العربي نقول أن ميثاق جامعة الدول العربية لم يقدم تعريفا جامعا مانعا لمفهوم النزاع بشكل عام و إن كانت الثورة الفلسطينية كانت و لازالت الشغل الشاغل لها و للدول العربية الأعضاء فيها .
و بالعودة لما صدر عن مؤتمر القمة (17) المنعقد بالجزائر نجد مايلي: (.... التأكيد مجددا على التمسك بالسلام العادل و الشامل في منطقة الشرق الأوسط كخيار استراتيجي لحل الصراع العربي الإسرائيلي .... واستغلال الأجواء المستجدة التي أنعشت الآمال في استئناف العملية السلمية...من أجل التوصل إلى السلام العادل و الشامل الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية...وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشريف, و حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلا عاجلا ... ورفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافي ومبادئ القانون الدولي وقواعده ذات الصلة...).
إن كسب الشعب الفلسطيني وثورته الشرعية القانونية ليس وليد اليوم في الواقع بل يعود – كما نعلم جميعا – إلى الأيام الأولى لقيام هذه الثورة فهي من البداية كسبت الشرعية بمساعدة الدول العربية بالطبع وجهود جامعة الدول العربية في هذا المجال لا يخفى على بال وما صدر عن لقاء الجزائر في الفقرة المذكورة أعلاه دليل على ذلك .
بالعودة لموضوع هذه الحلقة المتعلق بتعريف النزاع , وبعد أن عرفنا العنصر الأول الواجب توفره لوصف الحادث بحالة النزاع لابد من معرفة العنصر الثاني و المعبر عنه بظاهرة سلوكية معينة و محددة ونعتقد أن تعريف النزاع لن يكتمل إلا بمعرفة ما أقرته بعض الأجهزة الدولية المختصة , و نقدم هنا التعريف الذي أعطته محكمة العدل الدولية الدائمة ،فحسب قرار هذه المحكمة (كل خلاف بين دولتين على مسالة قانونية أو حادث معين أو بسبب تعارض وجهات نظرها القانونية أو مصالحها ), ويعتبر نزاعا دوليا
وان كان البعض يفرق بين المنازعات ذات الطابع القانوني والمنازعات ذات الطابع السياسي ، كما أن الصفة الدولية للنزاع لا يمكن ان تقتصر على المنازعات التي تقوم بين الدول و إنما يمكن أن تنصرف إلى تلك المنازعات التي تقوم بين الدول من الناحية و الأشخاص الدولية أو الوحدات السياسية, ومن هنا يعتبر النزاع الذي يقوم بين الشعب مطالبا بحق تقرير المصير له صفة دولية متى توفرت معايير معينة كالإقليم الذي يقطنه هذا الشعب و الروابط المشتركة التي تجمعه التاريخية منها و اللغوية و الاجتماعية ، و الاقتصادية و الدينية , و بعبارة أخرى التأكد من مفهوم الشعب صاحب حق تقرير المصير .
و معلوم أن شعبا بلا دولة تمثله على المستوى الخارجي وتعمل على استقراره و حمايته , لا يمكن أن يحمل الصفة الدولية إلا أن هذه الاعتبارات تلغى عند قيامه بحركة تحررية من قبضة الاستعمار و هو الوضع الذي عرفته اغلب شعوب قارة آسيا و أمريكة اللاتينية و إفريقيا و منها بالضرورة الشعب الجزائري وثورته التحريرية والتي انتهت بحصولها على الاستقلال عام 1962.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق