جامعة الدول العربية تأثير القمم العربية على حاضر ومستقبل الوطن العربي - القضية الفلسطينية نموذجا -
جامعة الدول العربية
تأثير القمم العربية على حاضر ومستقبل الوطن العربي
- القضية الفلسطينية نموذجا -
![]() |
الاستاذ عبد الحميد دغبار |
- الحلقة 17
بعد أن عرفنا في الحلقة (16 ) كيف أن القمم العربية المنعقدة ما بين عام 1946 و 1967 , لم (تسقط القضية الفلسطينية من أولويات جدول أعمالها ) .
كما عرفنا تلك الملاحظات المسجلة على ذلك (التراجع( المسجل في مواقف بعض الحكام العرب بعدما كانت القضية الفلسطينية هي ( مركز) التوافق بين كل القادة العرب , ومصدر ( الانسجام) التام بين الشعوب العربية و قاداتها , نقول (مجددا) هنا أن ذلك ( التخلي) عن استعمال تلك المصطلحات ( الحادة) و( المصيرية ) بالنسبة للقضية الفلسطينية سيترتب عنها آثار وسيقول التاريخ كلمته فيها , و التاريخ لا يرحم أحدا .
وحتى نعطي لهذا الموضوع حقه من الدراسة المعمقة و البحث الأكاديمي المطلوب , نقدم هنا موقف جامعة الدول العربية وذلك من خلال ما صدر عن مؤتمرات القمم العربية المنعقدة ما بين عام (1969 ) و (1976) مع تقديم ملاحظات واستنتاجات عن أهم القرارات الصادرة عنها , ليس بقصد (التشهير) بما جاء فيها من عيوب , وما لحق بالقضية الفلسطينية من (ظلم) جراء ذلك . ولكن بقصد أخذ العبر من أخطائنا لكي يتعلم جيلنا والأجيال اللاحقة من أبناء الشعوب العربية عموما ,و من أهل الشأن و المعنيون المباشرون الذين هم الفلسطينيون( شعبا نظاما سياسيا) .
ولعل الأزمة الخانقة التي يعرفها النظام السياسي الفلسطيني منذ أكثر من (12) سنة ما هي إلا نتيجة لما عرفه النظام السياسي العربي ومعه الجامعة من تباين و تباعد في المواقف اتجاه الصراع العربي – الإسرائيلي و هاهو الشعب الفلسطيني اليوم(2018) يدفع ثمن ذلك غاليا فأرضه لم يتحرر منها (شبر) واحد رغم التضحيات الجسام التي قدمها على مدار (70) سنة من عمر احتلال بلاده عام 1948.
إن (تغليب) اللغة السياسية الحاملة لمدلولات لا متناهية من المفاهيم على القواعد و المبادئ و الأسس التي جاءت بها (مفردات) و (جمل) قرارات الجامعة منذ 1969 وحتى عام 1976 هو الذي حمل ( بذور) عدم التوافق في المواقف و حتى الأفعال بين الدول العربية (22) الأعضاء في الجامعة ينعكس:
1- سلبا على القضية الفلسطينية (شعبا ونظاما سياسيا)
2- على حصول (شبه قطيعة) بين الشعوب العربية الحاملة للقضية الفلسطينية في وجدانها , وبعض أنظمة الحكم العربية , فهل (ابتليت) هذه الشعوب برجال حكم ليست لهم معرفة أو خبرة بالسياسة الإقليمية و الدولية حتى تكون عندهم ارض (ثالث الحرمين و أولى القبلتين) عند ذلك المستوى الذي لا يخدم القضية المركزية للعرب و لا تطلعات الشعب الفلسطيني للحرية و الاستقلال وتحرير أرضه( فلسطين) كل فلسطين؟.
في هذا المعنى يقول الكاتب ( صالح عوض) ما يلي : (...لم يكن النظام العربي قابلا بقيام كيان سياسي للإخوان المسلمين في منطقة حساسة كفلسطين...لهذا كان لصناع القرار في النظام العربي حسابات كثيرة, فما عدا (سوريا) لم يعترف أحدا بحكومة (حماس) ولم يستقبل أي نظام عربي (قيادات حماس) علنيا ويمنحهم الفرصة كاملة الا سوريا...)
أما نحن فنقول أن النظام العربي الرسمي الذي كان يفترض فيه ( النية الحسنة) في الوساطة بين الفيصلين الفلسطينيين الكبيرين (فتح وحماس) وجدناه هو ذاته يتحول إلى مشكلة ( وسبب تقسيم القرار والمؤسسة في فلسطين) .
وبعيدا عن ( التهويل) و (التهوين) في هذا الشأن نقول كذلك : لقد فازت حركة (حماس) حقا في انتخابات عام (2006) كما ترأست المجلس التشريعي وشكلت حكومتها عندها ظهرت (المحاسن و المفاسد ) وخرجت (أفعى) حب الذات فضاعت المصلحة العامة , وفقد الفلسطينيون في ( الداخل و الشتات ) القيادة الموحدة و الهدف الواضح فإلى متى يبقى هذا الوضع (الشاد) ؟ ومتى (تطلع) شمس الحرية على بيت المقدس؟ أنها أسئلة تطرح لكن ليس بمقدور أيا كان في هذا الوطن الكبير ( الوطن العربي) تقديم إجابة مقنعة طالما بقي القرار العربي الرسمي ( الموحد ) غائبا ولطالما بقي المنتظم العربي الرسمي (جامعة الدول العربية) مُغَيَّبًا بإكراه مادي أو معنوي ناتج عن ذلك الانقسام في المواقف بين أعضاءه .
لكن هذا ليس قدرا محتوما فلهذه الحالة على ما نرى وفي حدود حق الاتجاه مخارج أوسع مجالا وأكثر قوة وصلابة ألا وهي الوحدة بين جميع الفصائل و المكونات داخل فلسطين في هذا المعنى يقول الكاتب ( صالح عوض): (... إن كل الثورات المنتصرة الظافرة لم تحقق غاياتها دونما وحدة الصف , ولكن هنا لابد من التأكيد على نقطة ارتكاز في هذا الشأن ...إن وحدة الصف لا يمكن أن تتحقق دون فعل كبير لا يخضع للضباب و التنازل ...فالشعوب التي تِؤمن بجدية الوسيلة وجدواها تندفع للالتفات حولها وتحميها وعندما تصبح الوسيلة مضيعة وقت ومدعاة للفساد والترف ... ينفض الناس إلى اتجاهات عديدة محبطين , وقد بلغ بهم اليأس مبلغه ...) .
لقد فضلت هنا أن تكون خلاصة حديثي عبارة عن قراءة أولى للمشهد الضبابي الذي تعرفه مواقف العديد من الأنظمة العربية و المنتظم العربي الإقليمي( جامعة الدول العربية) , فإلى متى تبقى (المساعدة العربية) منقسمة بين هذا الفريق وذاك وبين هذه المجموعة وتلك ؟ التي بكل أسف يعرفها الشعب الفلسطيني اليوم ؟ والى متى يبقى رجال الفكر في هذا الوطن الكبير عند ذلك الحد (من الحيادية) والشعب الفلسطيني تطارده أزمة الجوع و آلام الجراح وقهر الصهاينة ؟ والى متى يبقى سكوت الأحزاب و الجمعيات في الوطن العربي قائما .
إنها أسئلة كانت ولا زالت وستبقى تطرح على كل دارس وباحث ومتابع للشأن الفلسطيني (أرضا وشعبا ونضالا).
إن هذه (الضبابية) و (الرمادية) التي تعرفها مواقف الجميع تجعلنا نؤمن بان القضية الفلسطينية لا يمكن أن تجد حلا على يد هؤلاء جميعا و إنما على يد (جيل آخر) جديد يأتي في المستقبل ويستلم موقع القيادة في فلسطين أولا ثم في الوطن العربي ثانيا ثم في المنتظم الإقليمي الدولي العربي ثالثا .
نقول هذا لأننا نؤمن انه لا مستقبل للاستعمار في عالم اليوم فلكل ليل فجر ولكل حق ثمن ولكل حاضر مستقبل آت .
إننا نعلم أن الفلسطينيون عاشوا على (حلم التحرير العربي لفلسطين لأكثر من (70) سنة كما ( قرأوا ) يتمعن خطب الأمناء العامون للجامعة و الرؤساء و الملوك و الأمراء العرب , و(استوعبوا) بشكل جيد ما صدر عن الجامعة العربية من قرارات و بيانات وإعلانات متعلقة بقضية تحرير وطنهم من الاحتلال الإسرائيلي كما (وقفوا) على حقيقة ما صدر في (أوسلو) , و( انتهوا ) إلى نتيجة مؤداها أن تحرير الأرض لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الجهد( المشترك) لأبناء الوطن ثم تأتي المساعدة الخارجية )
من هنا نرى أنه بات اليوم (2018) من الضروري إدخال تعديل على العديد من (المفردات) المستعملة عند الحديث عن موضوع الصراع العربي – الإسرائيلي و التي ضلت مستخدمة من عام 1948 إلى اليوم (2018) دون أن تجد لها مكانا على الأرض بالشكل الذي يقتضيه معناها , ومن ذلك :الكلمات المستخدمة في عبارة ( الصراع العربي – الإسرائيلي) إذ نرى نحن هنا واجب تغييرها بعبارة : الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي فهي الأصح في ظل المتغيرات العربية و الإقليمية و حتى الدولية و التي كان لها تأثير بالغ في دلالات وآليات مفهوم الصراع العربي- الإسرائيلي خصوصا بعد ن عرفت أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان و دولة جوار ونعني بذلك( جمهورية مصر العربية) ذلك المسار مع إسرائيل بعد اتفاقية (كامب ديفيد) و التي أدت إلى فتح سفارة إسرائيلية في العاصمة المصرية , وكذلك الحال بالنسبة للمملكة الأردنية بعد اتفاقية (وادي عربة) مع إسرائيل.
انه مسار ( اخلط) كل الأوراق و (أضعف) بشكل كبير ذلك المجهود العربي الجماعي كما لا يستقيم وقواعد ومبادئ وأسس كل ثورة تستهدف الحصول على الاستقلال التام .
يتبع...
- من بينها :
1- قمة الرباط (المملكة المغربية) المنعقدة بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1969 , حضرها (14) قادة دولة عربية , وجاءت على اثر( حرق المسجد الأقصى).
2- قمة القاهرة ( جمهورية مصر العربية ) وصدر عنها مجموعة من القرارات الحاسمة في مسار الثورة الفلسطينية و علاقتها بدول الجوار , وأولها المملكة الأردنية الهاشمية
3- قمة الجزائر المنعقدة بتاريخ : 23 نوفمبر 1973 , حضرها قادة (16) دولة عربية.
إن هذا المفهوم في المعالجة يسري كذلك على الملاحظات و الاستنتاجات المقدمة سابقا حول بعض القرارات السابقة عن القمم العربية المنعقدة من عام (1946) إلى عام ( 1967 ).
راجع : الشروق اليومي الصادرة بتاريخ 27 رجب 1439 الموافق ل 14 افريل 2018
نحن هنا مع هذا الرأي ابتداء و انتهاءا ولنا في ثورتنا المجيدة الثورة المباركة التي فجرها أبناء الجزائر الأوفياء لوطنهم وشعبهم بداية من شهر نوفمبر عام 1954 خير مثال يقدم هنا.
راجع الشروق اليومي الصادرة بتاريخ 22 رجب عام 1439 الموافق ل 9 افريل سنة 2018.
حتى أن قمة الظهران ( المملكة العربية السعودية) المنعقدة مع نهاية شهر مارس من عام 2018 و التي أطلق عليها اسم (قمة القدس) وجدنا ما صدر عنها لا ينسجم مع هذا العنوان ولا مع القرارات الصادرة عن القمم المنعقدة من عام 1946 إلى عام 1967 كما سبق و أن بينا
سبق أن وصفنا الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بأنه : صراع (وجود) لا صراع ( حدود) وتاريخ البشرية جميعا يقول أن (أشرس ) الصراعات هي التي تكون متعلقة ( بالوجود)
راجع تفاصيل أكثر في هذا الشأن في كتابنا الصادر عام 2017 عن دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع تحت عنوان : (ثورات التغيير السلمي و الإصلاح الشامل الديمقراطي في الوطن العربي – المسار و العوائق-
دراسة تحليلية في الآليات و التداعيات و الخيارات الممكنة عند جامعة الدول العربية .
ملاحظة : هذا الكتاب متوفر بالمكتبات على مستوى ولاية جيجل وباقي المكتبات على المستوى الوطني .
راجع تفاصيل أكثر في هذا الشأن في كتابنا الصادر عام 2017 عن دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع تحت عنوان : (ثورات التغيير السلمي و الإصلاح الشامل الديمقراطي في الوطن العربي – المسار و العوائق-
دراسة تحليلية في الآليات و التداعيات و الخيارات الممكنة عند جامعة الدول العربية .
ملاحظة : هذا الكتاب متوفر بالمكتبات على مستوى ولاية جيجل وباقي المكتبات على المستوى الوطني .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق