جامعة الدول العربية القمم العربية و تأثيرها على حاضر و مستقبل الوطن العربي (القضية الفلسطينية نموذجا)
جامعة الدول العربية
القمم العربية و تأثيرها على حاضر و مستقبل الوطن العربي
(القضية الفلسطينية نموذجا)
![]() |
الاستاذ عبد الحميد دغبار |
إن فهم المعطيات و العوامل التاريخية التي كانت تحيط بالوطن العربي هو الذي يفسر لنا :
1- تلك المتغيرات في الأهداف و الأفعال و المسارات التي عرفتها الجامعة كمنتظم دولي إقليمي عربي عام الاختصاص.
2- الإجراءات المعتمدة في ميثاقها و ملاحقه المتعلقة بعقد القمم العربية .
إن هذه المعطيات و العوامل التي عرفها الوطن العربي ( أرضا وشعبا وحكومات) ومعه الجامعة خلال نصف قرن من الزمن هو الذي يفسر لنا ذلك التفاعل الذي كان قائما بين الشعوب العربية و معها حكوماتها مع القضية الفلسطينية خلال المدة الزمنية الممتدة من عام 1948 وهو عام النكبة و إلى عام 1967 وهو عام حدوث العدوان الإسرائيلي الذي أنتج وضعا جديدا وصل حد احتلال أراض من دول الجوار ( الجولان السوري مثلا) , و الاستيلاء على ارض فلسطين بالكامل .
ومعنى هذا أن الوقت لم يكن لصالح:
1- الشعوب العربية إذ أن ذلك الوضع الميداني الجديد أحدث ( صدمة ) في الضمير الجمعي أصاب في الصميم جوهر الطموحات المستقبلية لها .
2- الحكومات العربية, إذ فقدت بعض دول الجوار كمصر وسوريا ولبنان ( على سبيل المثال) حق السيادة على جزء من ترابها .
وأنا هنا اعتقد أن كل هذه النكسات التي عرفها الوطن العربي و الأخطاء الفادحة المرتكبة في حق شعوبه كانت مرتبطة دوما بالحكم الفردي الفاقد لروح الشرعية و المبدأ الديمقراطي , و المؤسف أكثر أن ذلك الوضع البائس لازال مستمرا إلى اليوم (2018) الأمر الذي جعل الجيل الحالي من أبناء الوطن العربي يشعر باليأس من (عبثية) معالجة الصراع العربي – الإسرائيلي .
3- جامعة الدول العربية , إذ أصيب هذا المنتظم الدولي الإقليمي العربي هو الآخر( بالصدمة )بعد أن تفطن لحسن استخدام إسرائيل – لعامل الوقت – قصد تحقيق الإستراتيجية المسطرة و التي من أهمها فرض الأمر الواقع على الأرض وذلك من خلال ما أحدثه ذلك العدوان من تغيرات جغرافية على مساحة الوطن العربي و التي تنص إحكام ميثاق الجامعة على حمايتها من أي تدخل (خارجي) أو منازعات داخلية (قطرية) .
قلت الجامعة كمنتظم أصيبت ( بالصدمة) كون المسار التاريخي لها بدأ من عام 1946 و إلى عام 1967 يبين أن سياسة تحرير كل( شبر) من الوطن العربي و – فلسطين – جزء منه لم تغب عن أي قمة عربية .
كما أن قضية فلسطين ضلت تحتل رأس قائمة جدول أعمال القمم العربية خلال هذه المدة , و بالضرورة ما يصدر عنها من قرارات و بيانات و إعلانات , حتى و أن اختلفت صياغة الألفاظ والتعابير المستخدمة , كما هو الحال مثلا بالنسبة لأول قمة عربية و التي عقدت عام 1946 حيث اعتبرتها (لب القضايا العربية ) وقمة الإسكندرية المنعقدة عام 1964 و التي دعت إلى (وضع خطة عمل عربية هادفة إلى تحرير فلسطين ) حيث نقرأ في القرار رقم (18) الصادر عنها بهذا الشأن ما نصه (... تحرير فلسطين من الكيان الصهيوني ...).
لكن ما يلاحظ اليوم (2018) هو غياب مثل هذا الخطاب في الأدبيات السياسية العربية أو خطابات القادة العرب بل بالعكس وجدنا ما هو مخالف لهذا تماما, كما هو الحال مثلا بالنسبة لتصريح وزير الخارجية السعودي (عادل الجبير ) و الذي مؤداه : هناك ,(...مصالح كثيرة تتقاسمها السعودية مع إسرائيل...) وقوله أيضا : ...( اعتقد أن الفلسطينيين و الإسرائيليين لديهم الحق في أن يكون لهم ارض خاصة بهم...)
وقوله كذلك : ( ...منذ أربعين (40) عاما و القيادة الفلسطينية تفوت الفرص , حيث رفضت جميع المقترحات التي قدمت لها , لقد حان الوقت كي يقبل الفلسطينيون الاقتراحات و العروض و عليهم العودة إلى طاولة المفاوضات أو فليصمتوا أو ليتوقفوا عن التذمر ... ) .
و الخلاصة هنا مؤداها أننا لا ندري ماذا تغير في الوطن العربي عموما وفي فلسطين خصوصا حتى يتخلى بعض الملوك و الرؤساء و الأمراء العرب عن استخدام مصطلح ( تحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني ) .
أما القرار رقم (40) الصادر عن القمة المنعقدة عام (1967) فقد جاء فيه بخصوص هذا المجال ما نصه : (... المبادئ الأساسية اتلي تلتزم بها الدول العربية , وهي عدم الصلح مع إسرائيل أو لاعتراف بها وعدم التعاون معها...)
والملاحظ هنا هو أن الرئيس الفلسطيني (محمود عباس ) أضاف هو الآخر لاءات ثلاث (3) جديدة و نصها : ( لا سلام دون القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين و لا دولة في غزة ولا دولة دونها ...) جاء هذا في كلمته التي ألقاها عند افتتاح اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني في مدينة رام الله بالضفة الغربية .
وهنا أيضا نجد أن هذا القرار استعمل مصطلحات أصبحت هي الأخرى من الماضي و لا مكان لها في الخطابات السياسية العربية المتعلقة بالصراع العربي – الإسرائيلي و في ألفاظ وجمل القرارات الصادرة عن القمم العربية , ولم يبق لها مكان (إلا المتحف ) أو ( أرشيف السياسة العربية ) , بعد أن تخلت عن استعمالها بعض الأنظمة السياسية العربية كدول منفردة أو كمجموعة في منتظم دولي اقيليمي دولي , بل أن الأمر اليوم (2018) نراه يتعدى حالة ( التخلي وعدم الاستعمال) ليصل إلى حالة التصرف على عكس مضمونها , فماذا تحقق للعرب حتى تتخلى تلك الأنظمة السياسية الحاكمة عن كل هذا الإرث الصافي و الملائم للوضع القائم في فلسطين ؟
1 راجع الشروق اليومي اليومية الجزائرية العدد 5777 ليوم 4 افريل 2018.
راجع (الصريح ) اليومية الوطنية الجزائرية الشاملة العدد 571 ليوم 16 شعبان 1439 الموافق ل 2 مايو 2018
راجع تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع ي كتابنا الصادر عن دار الهدى للطباعة و انشر و التوزيع عام 2013 تحت عنوان جامعة الدول العربية قراءة في مسارها و قراراتها
راجع ( الصقر ) اليومية الإخبارية الجزائرية المستقلة العدد 2176 ليوم 16 شعبان عام 1439 الموافق ل 2 مايو 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق