جامعة الدول العربية - سياسة ترحيل الملفات العربية الساخنة نموذجا

جامعة الدول العربية - سياسة ترحيل الملفات العربية الساخنة نموذجا

جامعة الدول العربية

(الأبعاد ...المعوقات ...التداعيات)

سياسة ترحيل الملفات العربية الساخنة نموذجا

الحلقة 13 :
بالتأكيد لقد عقدت القمة العربية (20) في العاصمة السورية دمشق, يومي السبت و الأحد 29-30 مارس 2008, ومعنى هذا أن هذه القمة:
1-    لم تؤجل كما كان يريد لها البعض.
2-    لم يتغير مكان انعقادها كما كانت تطمح إليه بعض الأطراف الأجنبية.
     إن هذه القمة لم تكتف بهذه الخطوة ( الايجابية) و إنما حملت شعارا له معنى كبير في حاضر ومستقبل الوطن العربي ( شعوبا وأنظمة سياسية ) ومِؤداه : (قمة التضامن العربي ) وفي هذا تحد صريح وواضح لذلك (الضجيج) الذي سبق القمة ورافق زمن انعقادها .
    صحيح أن القمة انعقدت في ظروف صعبة للغاية, فالاستقطاب وصل حد الذروة والقضايا العربية العالقة وصل الخلاف حولها حد التصادم و الصراع   , لكن سوريا هنا (نجحت) في تجاوز كل الصعاب , وانعقدت القمة في بلدها لأول مرة منذ إنشاء الجامعة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي وهذا يعتبر في حد ذاته (انجازا كبيرا) يحسب لصالح الجميع   لذلك تعتبر قمة دمشق رقما جديدا مضافا لتاريخ القمم العربية .
    وبتعبير آخر نقول أن قمة دمشق حتى ولو تأت بجديد , فإنها في نفس الوقت لم تخالف القاعدة ( العرفية) التي تسير على منوالها مجالس الجامعة  المنعقدة على مستوى القمة , لذلك لم يكن منتظرا أن يصدر عن هذه القمة قرارات مغايرة لما سبق أن تعودنا على سماعه وقراءته من  القرارات و الإعلانات الصادرة عن القمم العربية السابقة لها.
    لكن هذا لا يمكن أن يعتبر دليل (فشل) القمة حيث لا يمكن أن نحمل البلد المضيف للقمة مسؤولية (تراكمات) هي من الماضي ومن التاريخ العربي .
    إن سياسة ترحيل الملفات العربية الساخنة مثلا من قمة لأخرى هي سياسة عربية (معتادة) ولمن أراد التأكد من هذا عليه بالرجوع لجدول أعمال مؤتمرات القمم العربية ليكتشف (عادة) الترحيل هذه.
    وعليه ستبقى مسؤولية المنتظم العربي الإقليمي (جامعة الدول العربية) قائمة في هذا المجال , وبنفس المستوى من المسؤولية يمكن أن تكون عليه كل الدول العربية الأعضاء .
   والسؤال الواجب طرحه هنا مؤداه : متى يتغير هذا الطريق الذي اثبثت  الوقائع و التاريخ أنه بدون مخرج ؟
    إن سياسة (ترحيل الملفات ) هي التي خلقت عند كل مواطن عربي متتبع و دارس لمسيرة هذا المنتظم نوعا من ( الإحباط) وعدم الاهتمام بالقرارات و البيانات و الإعلانات التي تصدر عن القمم العربية المنعقدة في إطاره.
والخلاصة التي يمكن أن نصل إليها هي:
1-    أن تغيير (أسلوب ومنهج) انعقاد القمم العربية أصبح اليوم أكثر من ضرورة إذا ما أردنا لهذا المنتظم ( أن يعيش) في المستقبل ويحقق الأهداف و المبادئ الواردة في ميثاقه.
ويجب أن نفهم هنا بأن هذا هو شأن عربي عام لا يمكن أن يسند لبلد دون آخر, كما أن عدم حدوثه في قمة عربية ما لا يعني مطلقا فشله وهو ما يمكن أن يسري على قمة دمشق .
2-    ضرورة تغيير (أسلوب ومنهج) متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن القمم العربية  , إذا ما أريد لهذا المنتظم أيضا أن يستعيد سمعته اللائقة به وذلك سواء على المستوى الشعبي (القطري) أو على المستوى الإقليمي و الدولي خاصة فيما يتعلق بعلاقاته مع المنظمات الدولية الإقليمية المماثلة , أو في علاقته مع المنظمات الدولية العالمية منها و الإقليمية  وهذا أيضا لا يمكن أن تتحمله دولة عربية واحدة وإنما هو مسؤولية الجميع .
3-    ضرورة التمييز بين المصلحة الخاصة للدولة العضو في المنتظم و المصلحة الجماعية (القومية) للدول الأعضاء وإلزامية تغليب الثانية عل الأولى هنا.
هنا فقط تأتي المسؤولية (الفردية) للدولة  ونعتقد إن هذا الإشكال لم يطرح في قمة دمشق .
      لكل هذه الأسباب نقول: أن قمة دمشق لعام 2008 ستبقى قمة عربية عادلة طالما لم تخرج عن ما هو مألوف في سياق القمم العربية ولعل ذلك ما يمكن أن يكتشف من خلال الإعلان و الفرارات الصادرة عنها و التي سنتعرف عليها في الحلقات القادمة.
-------------------
   1- حتى إن وزير الخارجية السوري ( وليد المعلم) صرح بهذا الشأن قائلا: ( إن الولايات المتحدة الأمريكية غاضبة عن قمة دمشق و أنها لا تريدها ).
   أما نحن فنقول أن الظروف العربية و الإقليمية و الدولية لم تكن أبدا في صالح الدولة المضيفة للقمة , بل نستطيع القول أنها كانت في أغلبها تعمل ضدها , خاصة تلك الضغوط التي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية السائرة في فلك سياستها , أن تمارسها على البلد المضيف أولا وبعض الأطراف التي "تعتقد" أقول" تعتقد " أنها فاعلة في المحيط العربي ثانيا.
   
2-  انه صدام وصراع من حيث اختلاف وجهات النظر لتلك القضايا العربية العالقة وطرق حلها وتسويتها.
انه صدام وصراع (ناعم) لا صدام وصراع مواجهة تستخدم فيه كل وسائل القوة

3-   الملاحظ هنا أن الدول المؤسسة لهذا المنتظم الدولي الإقليمي لم يكن يتجاوز عددها السبع (07) دول لكن تواتر حصول العديد من الأقطار العربية على الحرية و الاستقلال فإن عدد أعضاءها أصبح اليوم( 22) عضوا , ويعنى هذا أن تاريخ القمم العربية  يفيد أن عدد الرؤساء و الملوك و الأمراء العرب المشاركون في هذه القمم كان يتغير من قمة لأخرى , وفقا لتاريخ حصول الدول العربية عل استقلالها  , وطلب انضمامها للمنتظم  , وبمعنى آخر نقول هنا أن عدد الرؤساء و الملوك و الأمراء الحاضرون في القمم العربية المنعقدة في ستينيات القرن الماضي ليس هو العدد الحاضر في القمم العربية المنعقدة في الثمانينيات و التسعينيات وحتى اليوم.

مقال صادر في :

  جريدة وطنية جزائرية للاخبار العامة

العدد 162 ليوم 14 شعبان 1437 الموافق ل 30 افريل 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته