جامعة الدول العربية القمم العربية الدورية والمنتظمة وتأثيرها على حاضر و مستقبل الوطن العربي (القضية الفلسطينية نموذجا )

جامعة الدول العربية

القمم العربية الدورية والمنتظمة وتأثيرها على حاضر و مستقبل الوطن العربي

(القضية الفلسطينية نموذجا )
الاستاذ عبد الحميد دغبار

الحلقة 15

تعتبر مؤسسة القمم العربية ذات فاعلية وتأثير في حاضر ومستقبل الوطن العربي . لكونها مخولة (بحكم ميثاق الجامعة وملاحقه الأربعة ) بتناول القضايا العربية المصيرية (خاصة منها تلك المتعلقة بأمنها واستقرارها ووحدتها الترابية ).
قلت مخولة بالدراسة المعمقة  والبحث الممنهج و اقتراح الحلول الممكنة لها, وذلك وفق ما يقتضيه الحاضر و الإمكانيات المتوفرة .
  لذلك نراها مثلا لا تترك موضوع الصراع العربي الإسرائيلي يخرج من دائرة الاهتمام الرسمي والشعبي. أو من دائرة جدول أعمال القمم العربية , حتى إن تاريخ القمم العربية يقول لنا ا أول قمة رسمية عربية عقدت في إطار الجامعة العربية كانت بالقاهرة (عاصمة جمهورية مصر العربية ) و دولة المقر , عام (1964)  لاحظ هنا أننا قلنا أول قمة عربية  رسمية بالرغم من ان هده القمة كانت مسبوقة بقمة (انشاص ) (بجمهورية مصر العربية)  أيضا , و التي عقدت بتاريخ :  28, 29 مايو سنة 1946 .
عقدت هذه القمة لمناقشة القضية الفلسطينية حيث اعتبرتها قضية العرب الأولى , وقد حضرها قادة الدول السبع (07) المؤسسة للجامعة  و قمة بيروت (العاصمة اللبناني)ة والتي عقدت هي الأخرى بتاريخ 13-15 نوفمبر عام 1956 ), والتي جاءت بعد العدوان الثلاثي على مصر وحضرها تسع (09) قادة عرب يمثلون : السعودية ومصر و الأردن وسوريا ولبنان و العراق واليمن و السودان وليبيا . وقد ركزت هذه القمة على بحث طرق مساعدة الشعوب العربية التي كانت تعاني من ظاهرة الاستعمار.
  لقد اتفق اغلب الدارسين لنشأة و تاريخ القمم العربية, أن البداية الرسمية للقمم العربية العادية منها و الاستثنائية كانت من قمة القاهرة لعام 1967 و التي تناولت بالبحث والدراسة محاولات إسرائيل تحويل مياه نهر الأردن وروافده, و اتخذت بشان دلك ما يلزم من قرارات  .
  أما القمة العربية الثانية و التي عقدة بالإسكندرية (جمهورية مصر العربية ) من 5 إلى 11 سبتمبر من نفس العام أي (1964 فصدر عنها قرار يمثل الهدف القومي الأول لشعوب العربية , إلا وهو تحرير فلسطين من الاستعمار , وكذا قرار مشروع عربي لاستغلال مياه وروافد نهر الأردن وحضرها قادة (14) دولة عربية .
  في نفس الاتجاه جاءت قمة الخرطوم (عاصمة جمهورية السودان ) لعام 1964 والتي اتفق فيها الزعماء العرب على سياسة عربية جماعية في مواجهة إسرائيل ,و لعل اللاءات الثلاث (03) الشهيرة الصادرة عنها خير دليل  يقدم هنا .
   لقد استمر هدا التوافق العربي بشان الصراع العربي - الإسرائيلي   إلى حين عقد قمة الرباط (المملكة المغربية ) أيام  26 و 27 و 28 و29 أكتوبر عام 1964 م حيث قرر الزعماء العرب بالإجماع اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني الأمر الذي أعطى المنظمة صفة الشرعية على المستوى المحلي و الإقليمي والدولي .
   هكذا ادن تكون مؤسسة القمة العربية قد لعبت دورا بارزا و أساسيا في تناول احد أهم واكبر الأزمات و أشدها تعقيدا في عالم اليوم, واستطاعت في كثير من الأحيان رسم سياسات عربية فاعلة إزاءها وإزاء كل التهديدات الخارجية.
  من هذا الجانب تكون القمة ال (20) المنعقدة بدمشق عام 2008 قد نجحت في إعادة مؤسسة القمة العربية إلى زمن التوافق و التناغم في المواقف العربية إزاء القضايا الخطيرة التي تهدد حاضر ومستقبل الشعوب العربية .
  قلت نجحت هذه القمة في  أن تعيد مؤسسة القمة العربية إلى زمن التوافق لأن هذه المؤسسة أصيبت في الصميم و اهتزت صورتها لدى الرأي العربي العام و بسبب النكسات المتلاحقة للمؤسسة (كجهاز) وما يصدر عنها من بيانات وقرارات , غالبا ما تعرف طريقها لعلب الأرشيف بسرعة لافتة للنظر .
  وحتى نتعرف أكثر على مؤسسة القمة العربية الدورية و المنتظمة نقدم هنا أمثلة عنها :
أولا : أن عدد القمم العربية الطارئة أو غير العادية التي عقدت  في إطار الجامعة من عام 1946 إلى عام 2018 مثلا هو (29) قمة عربية , إذا ما اعتبرنا اجتماع الرياض المنعقد من 6 إلى 8 أكتوبر من عام 1976 قمة طارئة أو غير عادية , لكون هذه القمة لم يحضرها إلا ست (06) دول عربية فقط , و أن الزمن الفاصل بين( اجتماع الرياض ) هذا و القمة العربية المنعقدة بالقاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية يومي 25 و 26 أكتوبر من نفسر الشهر الذي عقد فيه اجتماع الرياض أي شهر أكتوبر من عام 1976 لا يتجاوز عشرة (10) أيام.
ثانيا : أن قمة ( انشاص) المنعقدة بتاريخ 28 و 29 مايو عام 1946 وقمة بيروت المنعقدة بتاريخ 13 و 14 و 15 نوفمبر عام 1956 لا يعتد يهما في إطار التعداد الرسمي للقمم العربية, لذلك نجد في اغلب الكتابات و الدراسات و البحوث المتعلقة بالقمم العربية الدورة و المنتظمة المنعقدة في إطار الجامعة أن أول مؤتمر عربي رسمي يعقد في هذا الإطار هو ذلك المنعقد بعاصمة جمهورية مصر العربية من 13 إلى 17 جانفي عام 1964 .
ثالثا: أن جمهورية مصر العربية باعتبارها دولة المقر احتضنت حتى هام 2008 مثلا عشرة (10) قمم عربية, بينما لم تعقد في الجزائر مثلا خلال هذه المدة إلا ثلاث (03) قمم . الأولى كانت عام 1973 والثانية عام 1988 والثالثة عام 2005 وكلها كانت قمم (عادية) , وهذا رغم ما تمثله الجزائر من ثقل بشري وسعة المساحة ( نلاحظ هنا أن الجزائر هي الأولى عربيا من حيث المساحة بعد انفصال جنوب السودان ) و قدرات اقتصادية بالمقارنة مع بقية الدول العربية الأخرى الأعضاء في الجامعة .
رابعا : أن المملكة المغربية فقد احتضنت خلال هذه المدة أيضا سبع (07) قمم عربية , اثنتان (02) منها طارئة والقمم الخمسة (05) الباقية (عادية) .
خامسا:  أن تونس فلم تحتضن إلى قمتين (02) عاديتين الأولى كانت عام 1979 و الثانية عام 2004
سادسا : أن موريتانيا و ليبيا , وهما دولتان ضمن (اتحاد المغرب العربي ) ويتمتعان بكامل العضوية بالجامعة فلم تحتضن أرضهما خلال هذه المدة أية قمة عربية عادية أو طارئة , مما يعني أن دول المغرب العربي الخمس (05) لم تعقد على أرضها إلا 12 قمة عربية من عام 1946 إلى عام 2008 أي خلال مدة زمنية تتجاوز ستين (60) سنة .
وبالمقابل نجد جمهورية مصر العربية وحدها تعقد على أرضها عشر (10) مؤتمرات قمة.
نفس الملاحظة المقدمة بالنسبة لدول المغرب العربي تسري على دول الخليج العربي كما أن العراق و هو أحد الدول العربية المؤسسة للجامعة لم تعقد على أرضه حلال نفس المدة إلا قمتين, الأولى كانت عام 1978 و الثانية عام 1990. و السؤال الذي يطرح نفسه هنا و لا نستطيع الإجابة عنه مؤداه : ما هو المعيار الذي كان معتمدا لاحتضان الدول العربية مؤتمرات القمم العربية , قبل اتخاذ القرار الشهير رقم (198) في القمة العربية الطارئة المنعقدة بالقاهرة عام 2000 , و الملحق الخاص بالانعقاد الدوري و المنتظم لمجلس الجامعة على مستوى القمة والتي أصبحت بموجبه القمم العربية تعقد سنويا في الدول العربية الأعضاء في الجامعة , حسب ترتيب الحروف الأبجدية لأسمائها , وذلك مهما كانت الظروف و الاعتبارات التي تحيط أو تعرفها الدولة المحتضنة للقمة .

إحصائيات خاصة بالقمم العربية والدول التي احتضنتها من عام 1945 إلى عام 2008

الرقم    البلد الذي احتضن القمة                      تاريخ انعقاد القمة                                                    طبيعتها
1    قمة الدار البيضاء – المملكة المغربية -       من 23 إلى 26 مايو 1989                                         طارئة
2    قمة بغداد – العراق-                              من 28 إلى 30 مايو 1990                                         طارئة
3    قمة القاهرة – جمهورية مصر العربية        من 09 إلى 10 أوت 1990                                         طارئة
4    قمة القاهرة – جمهورية مصر العربية       15 أوت 1991                                                          طارئة
5    قمة القاهرة – جمهورية مصر العربية        من 22 إلى 23 جوان 1996                                         طارئة
6    قمة القاهرة – جمهورية مصر العربية       من 21 إلى 22 أكتوبر 2000                                         طارئة
7    قمة عمان – المملكة الأردنية الهاشمية        من 27 الى 30 مارس 2001                                         عادية
8    قمة بيروت - لبنان                                 من 27 إلى 28 مارس 2002                                          عادية
9    قمة شرم الشيخ – جمهورية مصر العربية    أول (01) مارس 2003                                                 عادية  
10    قمة تونس                                          من 22 إلى 23 مايو 2004                                          عادية
11    قمة الجزائر - الجزائر                           من 22 إلى 23 مارس 2005                                        عادية
12    قمة الخرطوم  – جمهورية السودان           من 28 إلى 29 مارس 2006                                        عادية
13    قمة الرياض – المملكة العربية السعودية     من 28  إلى 29  مارس  2007                                      عادية
11    قمة دمشق  - الجمهورية العربية السورية    من 29  إلى 30  مارس 2008                                      عادية

والخلاصة الواجب تقديمها هنا مؤداها : إن الجامعة كمنتظم دولي إقليمي عام الاختصاص) عرفت محطات (نجاح) ومواقع (ضعف) , وليس في هذا عيب شاب المنتظم , لأن تاريخ التنظيم الدولي يقول أن المنظمات الدولية الإقليمية منها و العالمية تعيش فترات (تفوق ونجاح) ومراحل (ضعف وعدم استقرار) , لكن هذا لا يعني أننا نبر ر ذلك ( الفشل) ونقبل باستمراره , و إنما نحن نريد هنا أن نضع كل من يهمه الأمر في هذا الشأن أما مسؤولياته , قصد إصلاح ما هو واجب إصلاحه و تحسين ما هو مطلوب تحسينه ليستمر هذا المنتظم العربي في أداء دوره وتلاءم ما يصدر عنه من قرارات وبيانات و إعلانات مع مستجدات العصر و متطلبات الشعوب العربية.
----------------------
1  -لمن أراد التوسع أكثر حول القمم العربية السابقة لتأسيس آلية الانعقاد الدوري و المنتظم لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بداية من عام 2000 يمكنه الرجوع لكتابنا الصادر عن دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع عام 2013 تحت عنوان : (جامعة الدول العربية , قراءة في مسارها و قراراتها) .
الكتاب متوفر في المكتبات على المستوى الوطني .  
2  -من هنا نستطيع القول أن جامعة الدول العربية كانت تسعى من البداية أي من عام 1964 إلى توحيد الجهود و الطاقات و تكامل القدرات من أجل حتمية أحد أهم عناصر الأمن القومي العربي و نعني بذلك (الأمن المائي).
لقد أدركت الجامعة كمنتظم دولي إقليمي عربي أهمية عنصر (المياه) في تنمية و تطور و تقدم الشعوب العربية, وكانت بذاك أول محاولة لصياغة مفهوم مستقل لعنصر الأمن المائي, ضمن منظومة الأمن القومي العربي بمفاهيمه وعناصره المتعددة.
3  -والتي نصها (لا صلح ولا تفاوض مع إسرائيل, ولا اعتراف بها )

مقال صادر في :

  جريدة وطنية جزائرية للاخبار العامة

العدد 164 ليوم 21 شعبان 1437 الموافق ل 07 مايو 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته