جامعة الدول العربية -الانعقاد الدوري و المنتظم لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة

الاستاذ عبد الحميد دغبار

جامعة الدول العربية

الانعقاد الدوري و المنتظم لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة

قمة دمشق نموذجا
الحلقة 9 :
   إنه لا مانع من القول بأن المشهد العربي الراهن مقلق، بسبب الحزمة الهائلة من المشاكل و الأزمات، وانسداد الأفق السياسي حتى أصبح كل متتبع – من الدارسين و الباحثين و المهتمين بأوضاعنا – لا يرى إلا شكل هيكلي مصاب بالضعف و الهوان .
    ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الأوصاف و النعوت عند البحث في مصير القمة العربية (20) المنعقدة بالعاصمة السورية دمشق.
      لقد طغى على سطح الأحداث في الوطن العربي ، ومن ثمة موضوع القمة ، إشكالية الوضع اللبناني الداخلي و المتمثل في عدم توصل الفرقاء الفاعلين في الساحة اللبنانية إلى اتفاق جامع يسمح بانتخاب رئيس الجمهورية ، بعدما انتهت – دستوريا – عهدة الرئيس السابق ( أمين لحود ) ، وإشكالية العلاقة بين سوريا ولبنان كدولتين عربيتين متجاورتين لهما حدود مشتركة لم يتم الفصل في عدة أجزاء منها ، ( مزارع شبعا ) مثلا . الأمر الذي جعل العلاقة بين البلدين تعرف الكثير من التطورات ، وإن كان قد ساعد على دوام عدم استقرارها تفاعل المعطيات الداخلية و الخارجية في كلا البلدين .
       وإذا كان انعقاد القمة في مكانها وموعدها السنوي، يستوجب تفكيك – الألغام – وإزالة – الحواجز – التي تعترض طريقها ، فإنها بالمقابل على ما نرى  تتطلب تجاوز كل ضرورات الشكل و المظهر الغير مناسبين ، و الاتفاق على – الجوهر – المتمثل في الحاجيات اللازمة لبناء المستقبل .
    فإذا ما وصلنا لهذا المستوى في الفعل و الممارسة فإن الإشكال اللبناني السابق ذكره لن يبقى مدخلا ضروريا ووحيدا لضمان انعقاد مجلس الجامعة على مستوى القمة بدمشق أو تأجيله أو حتى ضعف مستوى الحضور أو التمثيل فيه ، وهو ما وقع فعلا .
    إن مسيرة العمل العربي المشترك توضح وتبين لنا العديد من المحطات الجوهرية في هذا المجال و منها:
1 – أن القضية الفلسطينية كانت وستبقى دوما هي القضية المركزية و الوحيدة في تاريخ القمم العربية التي توفر الحد الأدنى من التوافق و التفاهم العربي المشترك ، أما باقي القضايا العربية الأخرى فلم يحصل بشأنها – يوما – توافقا و تفاهما عربيا منذ أول قمة عربية عقدت في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي ، بل أننا وجدنا قضايا عربية  -ساخنة – تجاهلتها القمم العربية كلية ومنها قضية الصحراء الغربية بالمغرب العربي ، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة . فكيف تكون المسألة اللبنانية هنا سببا لإلغاء القمة أو أرجاء عقدها بدعوى الحفاظ على وحدة الصف العربي ، وتفادي حدوث انقسام مؤثر على مسار و فاعلية المنتظم العربي الإقليمي ( جامعة الدول العربية ) وبالطبع هذا لم يحدث حيث انعقدت القمة في المكان و الزمان المحددين .
2 – إن تاريخ القمم العربية ، خصوصا بعد إقرار مسألة انعقادها بصفة دورية ومنتظمة مرة واحدة في السنة خلال شهر مارس كما ينص على ذلك القرار رقم (198) الصادر عن مجلس الجامعة المنعقد في دورة غير عادية بالقاهرة سنة 2000 م ، والملحق الخاص بشأن الانعقاد الدوري و المنتظم لمجلس الجامعة على مستوى القمة ، يبين لنا :
أ – أن القمة التي عقدت سنة 2002 غاب عنها الرئيس الفلسطيني المرحوم - ياسر عرفات - لأنه كان محاصرا في مقره بمدينة رام الله بفلسطين، ولم يسمح له الاحتلال الإسرائيلي بالحضور.
ب – أن قمة 2003 و التي عقت بعاصمة جمهورية مصر العربية جاءت في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، وهو بلد مؤسس للجامعة مثله مثل لبنان .
       والخلاصة هنا على ما نرى : هي أن انعقاد القمة بالشكل الدوري و المنتظم الذي أصبحت عليه منذ سنة 2001 ، وفق ما نص على ذلك قرار القمة العربية السابق الذكر هو انجاز عربي جماعي ، لذلك يجب احترامه و المحافظة عليه في كل الظروف .
      كما يجب أن يبقى انعقاد القمة بشكل دوري ومنتظم، فوق كل الخلافات العربية – العربية - ، بل أننا نستطيع أن نجعل من هذه الخلافات دافعا وسببا لانعقاد القمة ، لكونها المكان المناسب للنظر في جميع الخلافات .
      وبكلمة مختصرة نقول : أن ما يحدث في الساحة العربية اليوم من أحداث خطيرة (ومأساوية) في فلسطين ، وسوريا ، و العراق ، وليبيا ، و السودان ، ولبنان ، و الصومال ، و الصحراء الغربية ، يستدعي عقد القمم العربية في موعدها ومكانها و بكامل ملوكها ورؤسائها و أمرائها حتى لا تبقى الأقطار العربية في أعين الغير – خصوصا – عنوانا للصراع و الخراب و الدمار وهو ما نأمل أن نعيشه يوما .

مقال صادر في :

  جريدة وطنية جزائرية للاخبار العامة

العدد 158 ليوم 30 رجب 1437 الموافق ل 16 افريل 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته