الانقسام في الوطن العربي لا رأس له ولا مكان
![]() |
الاستاذ عبد الحميد دغبار |
الانقسام في الوطن العربي لا رأس له ولا مكان
( السودان نموذجا )
الحلقة الرابعة:
إن مشهد الانقسام في الوطن العربي لا يسري في الحقيقة على الدول فقط بل نراه ( يتمدد كفتنة ) حتى بين الشعب الواحد وذلك من خلال ترويج و إشهار الخلاف ( المصطنع ) بين شرائحه على أسس عرقية أو مذهبية دينية أو طائفية ، ولنا اليوم في النموذج السوداني وكذا العراقي و الصومالي خير مثال ، وسنتناول في هذه الحلقة الحالة السودانية.إن الإشكالات العديدة التي عرفها السودان ( أرضا وشعبا ) كانت دائما من الانشغالات و الاهتمامات الرئيسية لجامعة الدول العربية وقد تجسد ذلك في مجموعة من القرارات و البيانات التي أصدرتها القمم العربية المنعقدة في إطار مجلس الجامعة ومن ذلك :
أولا: القرار و البيان الصادرين عن مجلس الجامعة المنعقد على مستوى القمة بعاصمة المملكة العربية السعودية ( الرياض ) عام 2007 و المتعلقين على التوالي:
1 – تطورات عملية السلام بدارفور .
2 – دعم السلام و التنمية و الوحدة في جمهورية السودان .
(يمكن مراجعة النص الكامل لهما في كتابنا الصادر عام 2007 عن دار بغدادي تحت عنوان قراءة في قرارات مجلس الجامعة المنعقد على مستوى القمة بعاصمة المملكة العربية السعودية الرياض عام 2007 ... الأبعاد و المنطلقات ).
ثانيا: الإعلان الصادر عن مجلس الجامعة المنعقد على مستوى القمة بعاصمة الجمهورية العربية السورية ( دمشق ) في دورته العادية 29 لعام 2008 والذي جاء فيه بخصوص موضوع إرساء الأمن و الاستقرار في السودان ما يلي :
( - التأكيد على وحدة السودان وسيادته واستقراره ، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ، و دعم جهود السلام الشامل ، ومعالجة الأوضاع في دارفور ، ودعوة كافة الأطراف الإقليمية و الدولية إلى مساعدة الحكومة السودانية لتحقيق السلام وإعادة الأمن و الاستقرار في السودان ...).
ثالثا : القرار الصادر عن نفس القمة و المتعلق بدعم السلام و التنمية و الوحدة في جمهورية السودان و الذي نصه الكامل ما يلي : ( إن مجلس الجامعة على مستوى القمة .
بعد اطلاعه :
- على مذكرة الأمانة العامة .
- وعلى تقرير الأمين العام عن العمل العربي المشترك.
- وإذ يؤكد على قرارات القمم العربية السابقة في هذا الشأن وآخرها قرار قمة الرياض رقم 379 بتاريخ : 23 /03 /2007 .
- وإذ يؤكد على احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه واستقلاله ، يطلب من جميع الدول تأكيد هذا الالتزام عمليا ، ودعم المساعي الرامية إلى تحقيق السلام و الوفاق الوطني بين أبنائه.
- وإذ يعرض عن اهتمامه البالغ إزاء تطورات الأوضاع في إقليم دارفور و الأزمة الإنسانية التي يواجهها النازحون من أبناء الإقليم و اللاجئون منهم في تشاد.
- وإذ يرحب بالخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية و الإطراف الموقعة على اتفاق سلام دارفور لوضع هياكل الاتفاق موضع التنفيذ و التنسيق مع الاتحاد الإفريقي.
- وإذ يشيد بجهود الحكومة السودانية لإنجاح العملية وإنشاء آلية وطنية مركزية.
- وإذ يؤكد على تنفيذ اتفاق السلام الشامل الموقع بين الحكومة السودانية ، والحركة الشعبية لتحرير السودان بالعاصمة الكينية نيروبي في 09/01/2005 .
- وإذ يؤكد كذلك على تنفيذ اتفاق سلام دارفور الموقع بين الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان بالعاصمة النيجيرية ابوجا بتاريخ 05/05/2006 .
يقرر:
أولا : الأوضاع في دارفور :
1 – تقدير الجهود التي يبدلها الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة مع جامعة الدول العربية لمعالجة أزمة دارفور ، و التأكيد على أهمية مواصلة الحكومة السودانية و الاتحاد الإفريقي الجهود لإرساء الأمن و الاستقرار في دارفور ، و الطلب إليهما مواصلة رعاية الوساطة السياسية بين الحكومة السودانية و غير الموقعين على اتفاق ابوجا بهدف التوصل إلى تسوية سياسية شاملة في اقرب وقت.
2 – دعم مسار التسوية السياسية لمشكلة دارفور وفقا لما تم الاتفاق عليه في اجتماعي طرابلس في : 29/04/2007 و 19/07/2007 ، ومحادثات سلام دارفور في ( سرت ) بالجماهيرية العربية الليبية بتاريخ 27/10/2007 ودعوة المجموعات المسلحة التي لم توقع على اتفاق سلام دارفور إلى نبذ التصعيد العسكري ، ومطالبة المجتمع الدولي بذل الجهور للحيلولة دون مناهضة الاتفاق عسكريا أو من خلال إثارة النعرات القبلية داخل معسكرات النازحين واللاجئين ، و الترحيب برغبة الحكومة السودانية في الحوار مع هذه المجموعات و إعلانها وقف إطلاق النار من جانب واحد ، ومطالبة الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة بالتعاون مع الجامعة العربية بسرعة ومواصلة الجهود لتوحيد الموقف التفاوضي للفصائل الغير موقعة على اتفاق سلام دارفور بهدف إطلاق المحادثات السياسية في اقرب الآجال, ودعوة مجلس الأمن إلى فرض العقوبات على الأطراف المعرقلة للعملية السياسية في دارفور .
3- الترحيب بالتوقيع على اتفاقية وضع القوات الهجين في 9/02/2008 و الخطوات المتخذة لتنفيذ العملية الهجين المكونة من الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 1769 (2007) ودعوة الآلية الثلاثية المكونة من الحكومة السودانية و الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة مواصلة الجهود لإكمال نشر هذه القوة وتدليل اي عقبات تحول دون ذلك ومطالبة الدول العربية و الإفريقية بتعزيز مشاركتها في العملية الهجين لتأكيد طابعها الإفريقي .
4- الترحيب بنتائج المؤتمر العربي لدعم ومعالجة الأوضاع الإنسانية في دارفور و الذي انعقد في الخرطوم يومي : 30 و 31 /10 /2007 ومطالبة الدول و الجهات المانحة الوفاء بتعهداتها التي أعلنتها خلال المؤتمر, ودعوة الآلية المشتركة المكونة من جمهورية السودان و الجامعة العربية لمتابعة تنفيذ هذه التعهدات و إحاطة المجلس تباعا بتقارير حول تنفيذ هذه التعهدات .
5- الترحيب بقرار الأمين العام و تكليف السفير صلاح حليمة مبعوثا الأمين العالم للجامعة لمتابعة التطورات الجارية في دارفور والتنسيق بشأنها مع ممثلي الأمم المتحدة و الاتحاد الإفريقي و تمثيل الجامعة في الاجتماعات التنسيقية التي تعقد لمتابعة تنفيذ اتفاق دارفور, وكذلك التنسيق و التعاون مع الحكومة السودانية لمتابعة نتائج مؤتمر المانحين العرب في دارفور .
6- توجيه الشكر للدول العربي التي سددت مساهماتها في تمويل بعثة قوات الاتحاد الإفريقي في دارفور و الطلب منها مواصلة تنفيذ مساهماتها بحيث تخصص بدعم الأوضاع الإنسانية في دارفور .
ثانيا : الأوضاع في جنوب السودان
7- الترحيب بالخطوات المتخذة لتنفيذ اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية لتحرير السودان الموقع بالعاصمة الكينية نيروبي , و الطلب إليهما الإسراع في مواصلة جهودهما في تنفيذ الاتفاق و الإشادة بروح الإصرار والعزيمة الوطنية التي تحلى بها شريكا السلام لتجاوز اختلالات وجهات نظرهما بشان تنفيذ الاتفاق والترحيب بالتفاهمات التي توصلا إليها في ديسمبر (كانون الثاني) 2007 لتجديد التزاماتها بالاتفاق وتمكين حكومة الوحدة الوطنية من مزاولة مهماتها حفاظا على استقرار و سلامة ووحدة السودان .
8- دعوة الدول و الصناديق و مؤسسات التمويل العربية إلى مواصلة الجهود و المشاركة الفاعلة لعقد الاجتماع التنسيقي الرابع للتنمية و الاستثمار في جنوب السودان خلال عام 2008 لتنسيق الاستثمار و التنمية العربية في جنوب السودان و المناطق المتأثرة بالحرب و خاصة في مجالات البينية الأساسية و الخدمات العامة الاجتماعية و ذلك بالتعاون مع مؤسسا الحكومة السودانية , والترحيب بإنشاء لجنة مشتركة تضم الأمان العامة و الأطراف السودانية لتحضير عقد هذا الاجتماع .
9- دعوة الدول الأعضاء وصندوق النقد العربي و صناديق التمويل العربية الى عقد اجتماعات ثنائية مع جمهورية السودان لبحث الديون المترتبة عن السودان اتجاه وذلك تنفيذا لقرار قمة الخرطوم بشأن معالجة ديون السودان.
10- الترحيب بافتتاح مكتب الجامعة العربية في جوبا بجنوب السودان لتنسيق العون العربي و المساهمة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل ودعوة السلطات السودانية المختصة إلى مواصلة تقديم التسهيلات اللازمة لتنفيذ ذلك .
ثالثا : اتفاق سلام شرق السودان
الترحيب بالخطوات الايجابية التي تمت نحو نفاذ اتفاق سلام الشرق ومواصلة قادة الحركات في المسيرة السياسية و التنموية في السودان و دعوة أطراف الاتفاق مواصلة الجهود لتعزيز الأمن و الاستقرار والتنمية في شرق السودان.
رابعا : تقدير جهود الأمين العام و الطلب منه مواصلة جهوده مع الحكومة و الأطراف السودانية و الجهات الإقليمية و الدولية لدعم مسيرة السلام و الوفاق في السودان و تقديم تقرير بهذا الشأن إلى المجلس في دورته العادية القادمة ).
هذا هو إذن مشهد الانقسام في الوطن العربي انه مشهد يتعرض باستمرار للهزات العنيفة و تتنازعه كل عوامل الارتباك و الاضطراب و الفوضى التي وصلت في أحيان كثيرة حد الاقتتال الداخلي ولعل خير مثال يقدم هنا هو ما عرفه السودان والصومال ويعرفه اليوم اليمن وسوريا وليبيا وهي دول كما نعلم تتمتع بالعضوية الكاملة في جامعة الدول العربية .
وعليه فإنه بات من الواضح أن (العجز) عن وقف هذا المسلسل العبثي ستكون له (كوارث) عديدة تتجاوز في نتائجها - على ما نرى - مجمل ما عرفته الأمة العربية في تاريخها الحديث من (نكسات) و ( نكبات).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق