قراءة في قانون الأسرة الجزائري
قراءة في قانون الأسرة الجزائري
الطلاق نموذجا
![]() |
الاستاذ عبد الحميد دغبار |
وإذا كان الزواج هو وسيله للتناسل والاستقرار فقد تعترضه ظروف و مسائل وإشكالات تحول دون تحقيق أهدافه ومن ذلك عقم احد الزوجين أو أصابه احدهما بمرض خطير يخشى انتقاله للطرف الآخر أو تباين طبائع الزوجين فيحدث تنافر وعدم انسجام فتحل النرفزة محل المحبة و السكينة النفسية وأحيانا يسيء احد الزوجين إلى الأخر إما بانحراف سلوكه عن القواعد العامة والمبادئ الكلية التي في ظلها وعلى أساسها تم الاقتران بين الزوجين أو يطول غياب الزوج كأن يكون نزيل سجن أو يتوقف عن الإنفاق على أسرته لمدة طويلة .
إن الأمثلة التي ذكرناها هنا هي حالات تتعرض لها الحياة الزوجية في كل عصر ولدى كل أمة ونكون حينئذ أمام أمر قد لا نحسد و عليه . فهي مخيرة بين الاستمرار في الحياة الزوجية رغم ما أصابها من وهن وضعف وتفكك وأضرار وعدم استقرار, أو الطلاق باتفاق الطرفين أو بالإرادة المنفردة من جانب الزوج أو التطليق من جانب الزوجة كما سماه المشرع الجزائري.
والملاحظ أن اغلب تشريعات دول العالم تأخذ بحكم التفريق بين الزوجين إذا ثبت استحالة استمرار الرابطة الزوجية , وان كانت بعض المذاهب الدينية كالطائفة الكاثوليكية مثلا تمنع الطلاق دينيا لا مدنيا مهما طرا على الحياة الزوجية من أمور, ونظرة هؤلاء إلى المشكلة أن الزواج متى تم بين الزوجين فلا يفرق بينهما إلا الموت وذلك حرصا على قدسية هذا العقد .
والواقع أن تأبيد عقد الزواج لا يناقش فيه أحد ولذلك ذهب بعض فقهاء الشريعة الإسلامية إلى القول أن التوقيت في عقد الزواج يفسده فلو حدد الزوج مثلا زمنا للطلاق أثناء عقد الزواج حيت ولو كان ذلك سيتم بعد مئة سنة فإن العقد يعتبر فاسدا , لما بأنه قد يكون من المستحيل أن يعمر الشخص اليوم أكثر من مئة سنة بعد زواجه مهما كانت الظروف وإن حدث ذلك فإنه يعتبر شادا و الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه .
وعليه فالأصل في عقد الزواج هو التأبيد أما إذا طرا طارئ بعد الزواج فهذا أمر آخر و الشريعة الإسلامية لا تمنع الطلاق الذي يتم باتفاق الطرفين كما أنها لا تحرم الطلق الذي يتم بالإرادة المنفردة.
والطلاق في الشريعة الإسلامية يأخذ مجالا واسعا حيث فسح المجال للزوج في أن يراجع زوجته وفق شروط معينة ذلك ان اللفظ بالطلاق قد يتسرع به الإنسان وهو في حالة غضب ثم يتبين له أنه أخطأ لسبب من الأسباب فيراجع نفسه , وله في هذه الحالة أن يراجع زوجته طالما لم تمض فترة العدة , وبذلك تستأنف الحياة الزوجة.
أما بالنسبة لشروط الطلاق فيمكن أن نلخصها فيما يلي :
1- كمال أهلية المطلق, فلا طلاق من صبي أو مجنون.
2- اللفظ
3- القصد , فالطلاق يقع ولا يعتد به إذا كان من نطقه مكرها عليه أو فاقدا لوعيه.
4- الوقت الذي يقع فيه الطلاق حيث ذهب العديد من الفقهاء إلى القول أن الطلاق لا يقع إلا و الزوجة في حالة طهارة تامة, ونعتقد هنا أنها هذا الشرط يمكن أن يؤخذ به المشرع الجزائري بهدف التضييق من دائرة الطلاق المرتفعة نسبيا في الجزائر .
5- الإشهاد ونعني بذلك حضور شاهدين
ومما سبق يتبين لنا انم أمر الطلاق هو بيد الرجل كما يمكن أن يكون للمرأة .
لقد اعتمدنا هذه المقدمة لموضوع الطلاق قبل أن ندرس ذلك في التشريع الجزائري نظرا لخطورته على الأبناء أولا وعلى الزوجين ثانيا وعلى المجتمع بأفراده و مؤسساته ثالثا .
وعليه فمسؤولية رجال الدين والإصلاح وعلماء القانون و الاجتماع كبيرة جدا , ومن الواجب أن يساهم - كل حسب موقعه واختصاصه – في محاربة الظاهرة قصد التقليل من آثارها السلبية .
وبالعودة للأحكام القانونية التي تنظم مجال الطلاق في قانون الأسرة الجزائري الساري المفعول فإننا نقول ما يأتي :
أولا : بخصوص المادة القائلة : ( لا يبثث الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي المختص دون أن تتجاوز هذه المدة 03 أشهر ) وهنا نقترح إضافة الفقرة التالية لهذا النص : (... يسري مفعول الطلاق من تاريخ تلفظ الزوج به). والسبب هو أن الطلاق نوعان – إن صح التعبير - فالأول هو الطلاق الرجعي و الذي سبق أن وضحنا مفهومه في الشريعة الإسلامية و هو ليس محل حديث هذا النص لكون إرجاع الزوج لزوجته يتم بدون عقد جديد ولا يترتب عليه أي اثر .
ثانيا : بالنسبة للمادة القائلة : ( من راجع زوجته أثناء محاولة الصلح لا يحتاج إلى عقد جديد ومن راجعها بعد صدور الحكم بالطلاق يحتاج إلى عقد جيد ) وهنا نقترح إضافة الفقرتين التاليتين لهذا النص .
الفقرة الأولى : ( ... إذا لم تنقضي عدتها ...).
الفقرة الثانية : (... بعد انقضاء العدة...)
وبذلك تكون صياغتها كما يلي : ( من راجع زوجته أثناء محاولة الصلح لا يحتاج إلى عقد جديد إذا لم تنقضي عدتها , ومن راجعها بعد انقضاء العدة أو بعد صدور الحكم بالطلاق يحتاج إلى عقد جديد.)
إن سبب اقتراحنا لتتميم هذه المادة كما هو مبين أعلاه هو تطبيق الحكم الشرعي للعدة وأثره على مراجعة الزوج لزوجته وهو ما يتطابق و أحكام الشريعة الإسلامية بشكل عام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق