الاستاذ عبد الحميد دغبار : الاستعمار , الحكام والثروات الطبيعية وراء النزاعات العربية

مع الأستاذ  المختص في القانون الدولي عبد الحميد دغبار

الاستعمار , الحكام والثروات الطبيعية وراء النزاعات العربية
بعد انقطاع سلسلة " لقاء خاص " لأسباب قاهرة . نستأنف حلقة هذا الأسبوع مع أحد الأساتذة المختصين في القانون الدولي و السياسة الدولية و الذي و للأسف يجهل كثير من الأكاديميين إسهاماته في رصد وتحليل عديد من القضايا ذات الصلة بالتنظيمات الدولية و الإقليمية و عليه وحرصا منا للتعريف بإعلامنا ارتأيت ومن خلال " صوت الأحرار" أن أقدم للقارئ الكريم شخصية اليوم و هو عبد الحميد دغبار الذي يؤكد أن ثلاثية " الاستعمار , الحكام و الثروات الطبيعية وراء النزاعات العربية , كما دعا إلى تعديل المادة الخامسة من ميثاق الجامعة العربية لتسهيل تسوية المنازعات بين الدول العربية , مؤكدا أن اقتصار كرسي الأمانة العامة للجامعة غلى دولة واحدة أصبح غير مقبول .
أجرى الحوار – عدة فلاحي   
•    كيف جاءت فكرة آخر إصدار لكم و الذي يحمل عنوان " تسوية المنازعات الإقليمية العربية بالطرق السلمية في إطار ميثاق الجامعة العربية ؟
    في البداية لا بد من الـتأكيد على أن هناك عوامل عديدة وأهدافا كثيرة وراء طرحنا لموضوع التسوية السلمية للمنازعات الإقليمية العربية نذكر منها :
1-    العوامل : إذا كان من الصعب علينا تقديم جميع العوامل المسببة لقيام منازعات الحدود العربية – العربية , فغنه بالمقابل يمكننا أن نجمع أهمها في إطارين هما :
أ‌-    عوامل خارجية : وأهمها الاستعمال وما أحدثه في الوطن العربي من تقسيم و تجزئة .
لقد كان للسيطرة الأجنبية على الوطن العربي الأثر الكبير على ما شاهده وما يزال من منحن ومؤامرات , أبرزها منازعات الحدود اذ وبعد حصول الدول العربية على استقلالها وجدت نفسها أمام وضع حدودي رسم من قبل الاستعمار لخدمة مصالحه بالدرجة الأولى . لذلك كان من الطبيعي أن يون هناك خلاف ونزاع حدودي بينهما , انه امن هذه الناحية ( أي المنازعات الإقليمية  العربية هي نتاج صراع دولي على ارض وثروات وسيادة الوطن العربي .
ب‌-    عوامل داخلية : إذا كانت قوى الاستعمار في الوطن العربي متعددة ونتج عن ذلك تعدد مصالحها فإن العوامل الداخلية هي الأخرى متعددة منها ما يرجع للأنظمة السياسية العربية , ومنها ما يرجع للثروات العربية الموجودة في المناطق الحدودية فكلا كانت المنطقة المتنازع عليها غنية بثرواتها  زادت شدة النزاع وضراوته .
هكذا إذن أصبح العالم العربي يعاني من ثلاثي خطير أوله استعمار وتركته وثانيه الحكام السياسيون وثالثه وجود الثروات الطبيعية في مناطق حدودية.

•    كيف تقيم أداء جامعة الدول العربية في تسوية المنازعات الإقليمية؟
-    إن الإجابة المباشرة هنا قد لا تعطي المعنى اللازم لأهداف السؤال، لذلك سنقدم هنا إجابة مقسمة وفق عناوين رئيسية مركزة ومختصرة وبدايتها:
في مفهوم النزاع بشكل عام:
إن الصراع سمة من سمات الحياة، (بين الأفراد أو بين الأمم) حيث الرأي ضد الرأي والمصلحة ضد المصلحة لذلك نجد السياسات الدولية تتقاسم هذه الصفات في كل زمان ومكان، الأمر الذي جعل العلاقات الدولية تتميز بعدم الاستقرار فحيثما تعارضت مصالح الدول إلا وقام نزاع بينها ولعل هذا ما يفسر لنا سبب إتيان النزاعات الدولية في فترات زمنية متقطعة، كما يفسر أيضا صعوبة أو تعذر اجتثاث هذه الظاهرة من السياسة الدولية، حتى أنها أصبحت حقيقة من حقائقها، يجب عدم إغفالها. ولعل تداخل مسبباتها ومصادرها وتأثيراتها هو الذي جعلها تنفرد عن غيرها من ظواهر العلاقات الدولية كونها معقدة جدا.
وعليه فالنزاع الذي نقصد ونتحدث عنه هنا هو ذلك النزاع الذي يكون أطرافه دول أعضاء (في الجماعة الدولية) ومعبر عنه بمظاهر سلوكية معينة تزيد أو تنقص من حيث الشدة، كالمطالبة بضم إقليم أو جزء منه بالعنف، وهو ما يمكن أن يعرف بالنزاع الإقليمي.
1.    ضرورة وإلزامية التفرقة بين المصطلحات التالية:
(النزاع، والصراع والتوتر، والأزمة، والحرب)
2.    ميثاق جامعة الدول العربية:
ونظرا لكون مجال السؤال محددا بتقييم أداء الجامعة في تسوية المنازعات الإقليمية نقول في مقدمة إجابتنا:
ميثاق الأمم المتحدة في مادته الأولى أشار إلى ضرورة حل المنازعات الدولية وفق مبادئ القانون الدولي والعدالة وفي الفقرة الثانية من نفس المادة نجد اختصاص الأمم المتحدة بحفظ السلم والأمن الدوليين وعلى نفس المنوال سارت المادتين (33) و (36) منه.
أما بالنسبة لما تضمنه ميثاق الجامعة في هذا المجال فواسع أيضا، حيث نجد المادة (05) من الميثاق تنص في فقرتها الأولى على أنه لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة وإذا نشب خلاف يتعلق مثلا بسلامة الأراضي ولجأ المتنازعين إلى مجلس الجامعة لفض الخلاف فإن قراره يكون ملزما.
وما نقوله هنا باختصار هو إن اقتصار إجراءات التسوية السلمية للمنازعات الإقليمية التي تقوم بين الدول العربية على ما هو وارد في المادة (05) من الميثاق هو دلالة على أن جامعة الدول العربية مكبلة في هذا المجال بقيود قانونية عامة وصريحة تجعل الاجتهاد مع وجوها خروجا عن روح الميثاق بل وخروجا حتى عن المبادئ الواردة فيه، وهو أمر يجعل الجامعة عاجزة -لا محالة- عن أداء الدور الفعال في إنهاء النزاع الذي يقوم بين الدول العربية الأعضاء فيها، وربما كان هذا من الأسباب التي جعلت الجامعة العربية تعتمد على نشاط أمينها العام لتقديم مساعيه وخدماته الحميدة أو إنشاء لجان تحري الحقائق. 
ومن الطبيعي إذن –وحتى يكون اختصاص الجامعة بتسوية المنازعات التي تقوم بين الدول الأعضاء فيها بالطرق السلمية- كان لابد من تعديل نص المادة (05) ونظرا للإشكالية القانونية المطروحة بهذا الشأن (ضمن أحكام الميثاق ذاته) فقد تبنت الدول العربية معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة قصد إيجاد ذلك الانسجام المطلوب بين الجامعة ومنظمة الأمم المتحدة.
وعليه فإن هذه المعاهدة جاءت لاستكمال الحلقات القانونية الواجبة الاعتماد كأساس لتسوية المنازعات الإقليمية العربية –العربية بالطرق السلمية أخذ بالمبادئ التي يسير عليها المجتمع الدولي الحالي.
•    هل تعتقد أن النزاع المغربي الصحراوي هو نزاع إقليمي وما هو موقف الجامعة العربية منه، وهل يعتبر فعلا عائقا أمام اتحاد المغرب العربي ؟
-    إن هذا السؤال مركب من ثلاثة (03) أجزاء لذلك ستكون إجابتنا عليه مفصلة كما يلي:
1.    فالسؤال الذي يتبادر في أول خطوة هو هل النزاع المغربي الصحراوي هو نزاع إقليمي ؟
 والجواب كما سبق وأن عرفنا في إجابتنا عن السؤال الثاني أن النزاع الإقليمي هو نزاع ظاهر معبر عنه بمظاهر سلوكية معينة كالمطالبة بضم إقليم أو جزء منه ... الخ وبناءا عليه نقول النزاع الذي يقوم بين شعب يطالب بحق تقرير المصير (كالشعب الصحراوي) هو نزاع خاضع لمبادئ وقواعد القانون الدولي المعاصر.
2.    أما موقف الجامعة منه فغننا نقول –وبكل أسف- أن هذا النزاع ظل غائبا عن جدول أعمال مؤتمرات القمة العربية التي تعقد بصفة دورية (عادية او طارئة)، وقد حاولنا أن نقرأ مثل هذا الموقف في كتابنا الصادر حديثا تحت عنوان (قراءة في قرارات مجلس الجامعة المنعقدة على مستوى القمة بالرياض عام 2007م). 
...يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم على موقع الاستاذ عبد الحميد دغبار
اذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته