كتاب تسوية المنازعات الاقليمية العربية بالطرق السلمية في اطار ميثاق جامعة الدول العربية
تسوية المنازعات الاقليمية العربية بالطرق السلمية
في اطار ميثاق جامعة الدول العربية
في اطار ميثاق جامعة الدول العربية
كتاب تسوية المنازعات الاقليمية العربية بالطرق السلمية في اطار ميثاق جامعة الدول العربية |
تقديم:
ان هذا الكتاب يتناول بالبحث و الدراسة احد اعقد القضايا التي يعيشها الوطني العربي الا وهي منازعات الحدود العربية – العربية ووسائل حلها بالطرق السلمية في اطار ميثاق جامعة الدول العربية وقراراتها ذات الصلة .
لقد تناولنا في فصول و مباحث هذا الكتاب بشيء من التفصيل :
1- صراع الزعامات العربية و ما نتج عنها من منازعات حدودية
2- السياسة الاستعمارية في الوطن العربية اثناء الحرب العالمية الثانية و مواقف الزعماء العرب منها واثر ذلك في منازعات الحدود العربية
3- منازعات الحدود والتجارب الوحدوية العربية
4- تسوية المنازعات الاقليمية العربية – العربية في بروتوكول الاسكندرية وميثاق الجامعة .
انها باختصار فصول ومباحدث وممطالب تتناول بالبحث والدراسة الوصف القانوني لجامعة الدول العربية اذ لا مجال هنا للعاطفة ولا فضاء لوجدان .
كتاب تسوية المنازعات الاقليمية العربية بالطرق السلمية في اطار ميثاق جامعة الدول العربية تأليف الأستاذ عبد الحميد دغبار.
ملاحظة :
- هذا الكتاب صادر عن دار هومه للطباعة والنشر و التوزيع - بوزريعة الجزائر
- صدرت منه الطبعة الثانية عن نفس الدار
- قال عنه موقع الجزيرة.نث
" الواضح أن المجتمع العربي رغم استقلال أقطاره لا يزال يواجه التحديات التي فرضها عليه الاستعمار، فضلا عن التحديات الأخرى التي أملاها التخلف العلمي والاقتصادي على وجه الخصوص، وبالتالي عدم القدرة على مسايرة التطورات العالمية المعاصرة.
والأدهى من ذلك فقدان الوعي العربي القومي نتيجة الأوضاع التي خلفتها المطامع الاستعمارية, الأمر الذي زاد من شدة التحديات التي أسفرت في مجملها عن تفتيت الوطن العربي سياسيا، وقيام نزاعات إقليمية بلغت درجة الاحتلال العسكري, حيث استنفد الكثير من طاقاته وموارده لمواجهة الصراعات المسلحة القائمة على حدود هذا القطر أو ذاك، بدلا من محاولة استغلال هذه الموارد والطاقات في القضاء على التخلف واللحاق بركب الأمم المتحضرة.
ويبدو أن عبد الحميد دغبار الأستاذ بجامعة الجزائر من خلال كتابه "تسوية المنازعات الإقليمية بالطرق السلمية" الذي جاء في جزأين، يريد أن يلفت انتباه الأمة العربية إلى ضرورة استجماع قواها والتمسك بعناصر قوميتها وتنسيق خططها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لتتمكن من تصفية الاستعمار بشكليه المباشر وغير المباشر ولترفع مستوى معيشة المواطن العربي.
وفي سبيل تحقيق ذلك ركز المؤلف على مفهوم القومية وتطورها وأسسها ومدى إمكانية جعلها أساسا لحل النزاعات الإقليمية العربية في إطار تسوية المنازعات الدولية.
حقيقة اجتماعية حضارية
يورد المؤلف إجماع فقهاء القانون الدولي على تعريف واحد للقومية، مستعرضا أقوال عدة مفكرين غربيين وعرب, فيقول إنها تعني شعور الفرد بالانتماء والولاء المطلق للأمة، وإنها بالتالي رابطة طبيعية وحقيقة اجتماعية حضارية وليست رابطة سياسية.
أما عن المفهوم اللغوي للقومية فيقول المؤلف إنها كلمة مشتقة من لفظ قوم، وتأتي مرادفة لكلمة الأمة، ما يعني أن لهما مفهوما واحدا لاشتراكهما في وحدة اللغة والدين والتاريخ والجنس ووحدة المصير.
كما أن كلمة قوم في العربية تنصرف إلى التعبير عن الجماعة التي يقوم أفرادها قومة واحدة للقتال بغض النظر عن وحدتها في الدين والجنس واللغة.
والقومية عند العرب تستعمل عادة للدلالة على الانتماء لأمة العرب، وهي تختلف عن مبدأ القوميات التي ظهرت في أوروبا كظاهرة سياسية تسعى إلى إيجاد تطابق بين الواقع التاريخي للأمة وشكلها السياسي.
وكيفما كان الأمر فإن مبدأ القوميات إن لم يكن الغرض منه التفوق العنصري فإنه يعد مقبولا على وجه الإجمال، لأنه يمكن أن يشكل عاملا مهما في توثيق روابط الشعور بالانتماء إلى جماعة قومية معينة.
أما إذا كان الغرض منه التفوق العنصري كما حدث بالنسبة لفكرة الجنس الآري التي تبنتها النازية الألمانية سابقا والدولة الإسرائيلية حاليا، فإنه مرفوض من الأساس لمخالفته أحكام القانون الدولي المعاصرة التي اعتبرت العنصرية جريمة دولية سواء كانت مبنية على أساس قومي أو على أي أساس آخر.
ومع ذلك فإن للقومية -حسب رأي المؤلف- مفهوما يختلط في بعض الأحيان مع بعض المفاهيم الأخرى كالوطنية, والدولة التي من شأنها أن تحول دون تحقيق الوحدة والإبقاء على الكيانات السياسية.
"مبدأ القوميات إن لم يكن الغرض منه التفوق العنصري يعد مبدأ مقبولا على وجه الإجمال، لأنه يمكن أن يشكل عاملا مهما في توثيق روابط الشعور بالانتماء إلى جماعة قومية معينة"
ولأجل توضيح هذه الفروق اعتمد الأستاذ دغبار شرح هذه المصطلحات وإظهار الفرق بينها وبين القومية، وقد خلص إلى أن الأخيرة إحساس الفرد بالارتباط بأمته في حين أن الوطنية إحساس الفرد بالارتباط بوطنه، أو بمعنى أوضح إن القومية رابطة ولاء وانتماء الأشخاص بينما الوطنية رابطة ولاء وانتماء المكان.
أما ارتباط الفرد بالدولة فهو ارتباط مصطنع أو مستحدث متمثل في الجنسية التي يمكن للفرد التنازل عنها كما تستطيع الدولة سحبها منه، في حين أن القومية رباط طبيعي ونزعة نفسية، فهي لا تنتزع ولا تسقط عن الشخص ولا تفرض عليه.
ثم إن مجموعة من الروابط التي تجمع الأمة العربية تفاعلت فكونت شخصيتها المتميزة التي تجمع أبناء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، من الوحدة الجغرافية والتاريخية واللغوية والثقافية إلى وحدة العقيدة والأصل والأهداف والمصير.
ومن ثم فهي قومية عربية الأصل إسلامية الروح ديمقراطية المنهج عادلة الراية إنسانية الطابع تخدم السلام وتنشد العدل وتنبذ كل خلاف بين أعضائها، لكون عقيدتها الدينية تنبذ التعصب للعشيرة والجهة.
وبالتالي فالنزاع الذي يقوم بين أفرادها سواء كان على المستوى الداخلي أو الخارجي -مهما كانت طبيعته- يعتبر تصرفا مرفوضا وغير مسموح به وفقا لمنهجها ومبادئها.
لا قومية مع منازعات الحدود
أشار المؤلف إلى أن القومية العربية تنبذ نظرية السيادة العنصرية لأنها لم تقم على أساس التوسع الجغرافي، وهي بهذا تختلف عن القوميات الأوروبية التي بنيت على أساس الأطماع الجغرافية.
والتوسع الاستعماري مس القومية العربية وعمل على هدم أهم أسسها حين قسم الوطن العربي إلى مناطق نفوذ، فنتجت عنه دول متعددة بحدود مصطنعة. وبحصول هذه الدول على استقلالها في فترات تاريخية مختلفة حصلت نزاعات إقليمية، فاندفع أفراد القومية الواحدة للاقتتال من أجل قطعة أرض تشكل جزءا من وطن واحد.
يضاف إلى كل هذا تفشي الأمية بشكل واسع في العالم العربي والجهل التام بالروابط العديدة بين مواطنيه، وهو جهل استغل بطريقة غير مستحسنة من قبل حكام الأنظمة السياسية القائمة فيه.
ومما زاد الطين بلة بواعث الخلاف والتشاحن بين تيارين يظهران بشكل سافر في بعض الأحيان وبأشكال مستترة في أغلبها، وقد أصبحا من سمات النظام الإقليمي العربي والعلاقات العربية السياسية.
التيار الأول تيار قومي توحيدي يسعى بجميع الأشكال للوحدة، ويستند في تبرير دعوته إلى وجود أمة واحدة تشترك في الماضي والحاضر والمستقبل، وأن العالم المعاصر لا يوفر الأمن أو الاستقلال للكيانات الصغيرة. ومن هنا يرى دعاة هذا التيار أن طريق الأمن والتنمية العربية لا يتم إلا بالوحدة.
أما التيار الثاني فتيار قطري يسعى لأن تكون العلاقات بين الدول العربية خاضعة لأسس القانون الدولي، ويجد مصادر قوته في النخب الحاكمة التي تريد الاستئثار بالسلطة وتتنافس على النفوذ.
وقد ركز المؤلف على دور القوى الخارجية في غرس بذور الخلاف بين بعض الدول العربية إذ أوجدت بذلك مصادر للنزاع، منها منازعات الحدود التي تهدد جمع الشمل العربي وتهدم طاقاته المادية وتشل نهضته الشاملة وتبقي على التخلف المزمن.
فالحدود التي يطالبون بتثبيتها قد رسمها الاستعمار بالقوة وفقا لمصالحه لا رغبة من السكان، ومن ثم فهي ليست منازعات شعوب لأنها تعلم أنه لا جدوى اقتصادية أو سياسية من ورائها.
"إذا كان الاستعمار سبب التجزئة في الوطن العربي فإن الثروة التي يزخر بها قد عمقتها, وإذا كان تعدد البلدان العربية وليد الاستعمار فإن تعدد الدول وليد الفئات الحاكمة باختلاف أنظمتها السياسية"
وإذا كان الاستعمار سبب التجزئة في الوطن العربي فإن الثروة التي يزخر بها قد عمقتها, فصح القول إن "تعدد البلدان العربية وليد الاستعمار، أما تعدد الدول فوليد الفئات الحاكمة باختلاف أنظمتها السياسية".
لقد قامت كل هذه المنازعات في المشرق والمغرب مع وجود جامعة الدول العربية بسبب كون ميثاقها يحرص على سيادة الدول الأعضاء ونظامها السياسي الخاص, الأمر الذي دفع البعض إلى اعتبارها جامعة الدول وليست جامعة الشعوب العربية, والوحدة الشاملة تعني وحدة الشعوب لا وحدة الحكومات, فتنظيم جامعة الدول العربية لا يدع مجالا لتحقيق وحدة عربية، بل يعمل على إبقاء التفتت السياسي للوطن العربي.
ويعتبر المؤلف الوحدة من أهم الوسائل العملية لإنهاء كل هذه المنازعات بما في ذلك المنازعات الإقليمية التي كثيرا ما تسبب الأحقاد بين أبناء الوطن الواحد وتزيد في التباعد بين الدول الأعضاء في الجامعة.
تسوية المنازعات بين مبادئ الجامعة وأهدافها
في إطار المفاهيم التي تتحدث عن المنازعات الدولية والإقليمية وكيفية تسويتها قبل منظمة الأمم المتحدة وبعدها، والتي أطنب فيها المؤلف بالبحث القانوني والتاريخي في فصول وفروع من الجزء الثاني للكتاب، نجده سلط الضوء على خصوصية جامعة الدول العربية باعتبارها تضم دولا كانت في الأصل دولة واحدة فرق بينها الاستعمار، فصارت مطالبة بالعمل على التوفيق بين ما تركه الاستعمار من جهة، وما يجب أن يكون عليه الوطن العربي من جهة أخرى.
ورغم هذا التمايز وضخامة المهمة فإن الجامعة العربية تبقى دولية إقليمية تشترك في كل السمات التي تطبع هذا النوع من المنظمات، باعتبارها تنظيما تحكمه مجموعة القواعد القانونية التي تنص على إنشائها وتحدد هيكلها ووسائل عمل أجهزتها.
واللافت للانتباه أن ميثاق الجامعة جاء معبرا بصورة صريحة وصادقة عن الروابط التي كانت قائمة بين الحكومات العربية، حيث الحذر المتبادل وخوف الكل من الكل دون مبرر واقعي أو عملي، وكذا التمسك الشديد بالسيادة والسعي الدائم والمكشوف لتحقيق المآرب الشخصية على حساب المبادئ القومية والتطلعات المستقبلية للشعوب العربية.
ولعل هذه العوامل مجتمعة هي التي حالت دون إصدار الدول -التي وافقت على إنشاء الجامعة العربية- إعلان مبادئ تعمل وفقها وتباشر نشاطها على أساسها.
وهذا الوضع لا نجده في الواقع في أي تنظيم إقليمي أو دولي، إلا أن عدم وجود مثل هذه المبادئ في ديباجة ميثاق الجامعة لا يعني انتفاء وجودها كلية لكون الميثاق في الواقع أقرها بصورة واضحة في الكثير من مواده.
"المحافظة على السلام العربي تقتضي بداية توفير إرادة في التسوية السلمية للمنازعات وتنظيم العلاقات على أسس سليمة خالية من الدسائس والمؤامرات التي تحاك في السر والعلن"
بل توجد مبادئ يقرها القانون والعرف الدولي لم ترد في الميثاق الأممي وحواها ميثاق الجامعة ولو بشكل ضمني، كما هو الحال بالنسبة لمبدأ المساواة القانونية بين الدول الأعضاء والحق في رئاسة المجلس، على عكس ميثاق الأمم المتحدة الذي أعطى للدول الكبرى مزايا وحقوقا لا تتمتع بها الدول الصغرى، ما مكن الجامعة من التحرك في مرات عديدة لإيقاف الصراعات العربية.
ثم إن ميثاق الجامعة العربية لم يكتف بالنص على تسوية المنازعات بالطرق السلمية فحسب، وإنما تعدى ذلك إلى النص على ضرورة تعاونها مع الهيئات الدولية مستقبلا والسعي لحفظ الأمن والسلم الدوليين، ما يستلزم القول إن الجامعة كانت سباقة إلى هذه المبادئ بما أنها أنشئت قبل ظهور منظمة الأمم المتحدة.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن مسألة فض المنازعات لم تعرف حلولا نهائية، وإنما عرفت آليات للتهدئة ووقف التصعيد، كما هو الشأن مع النزاع السوري اللبناني أو الجزائري المغربي على سبيل المثال.
والمتتبع لتاريخ العلاقات العربية يصطدم بلاعقلانية السلوك السياسي لهذه الدول، الأمر الذي يجعل منازعاتها تتضاعف وتستمر لمدة طويلة.
ولعل خير مثال يقدمه المؤلف على ذلك مثال النزاع الحدودي اليمني السعودي الذي دام أكثر من سبعين عاما، والنزاع المغربي الصحراوي القائم منذ ما يزيد عن العقدين من الزمن، وإذ ذاك ارتأى المؤلف عدم استعمال لفظ حل وفضل لفظ التسوية في تحليله للموضوع.
كما أوضح الأستاذ دغبار عجز الجامعة -كتنظيم إقليمي عربي- عن رد العدوان الواقع على بلد من أعضائها المؤسسين، رغم أن وثائق الجامعة نصت جميعا وبوضوح على مبدأ المساعدة المتبادلة بين الدول الأعضاء باتخاذ كافة التدابير لدفع أي اعتداء عنها.
ومن هنا يرى المؤلف ضرورة إنشاء قوة عسكرية عربية لاستغلالها على الأقل في أصعب الظروف كقوة فصل بين المتخاصمين.
والمحافظة على السلام العربي يقتضي بداية توفير إرادة في التسوية السلمية للمنازعات وتنظيم العلاقات على أسس سليمة خالية من الدسائس والمؤامرات التي تحاك في السر والعلن. والمطلوب ليس البحث عن البدائل، وإنما إصلاح ما هو قائم من خلال تعديل المواثيق وجعلها متفقة مع تطلعات وأهداف الشعوب العربية. "
هذا الكتاب متوفر في المكتبات العامة ومكتبات الجامعات و المراكز الجامعية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق